وقد أنشد سيدي عمر بن الفارض رضي الله عنه في مجاهدة النفس : فأوردتها ما الموت ليس بعضة * وأتعبتها كي ما تكون مريحتي ولم يبق هول دونها ما ركبته * وأسهد نفسي فيه غير زكيتي . إلى آخر ما قال . وبالجملة فلا بد لمن يريد العمل بهذا العهد من السلوك على يد شيخ صادق يسلك به حتى يدخله حضرة الأحباب ولا يبقى عنده عذاب أعظم من الحجاب ، فلو عرض على هذا النار والحجاب لاختار النار بلا حجاب وقد أنشد الشبلي في ذلك : والهجر لو سكن الجنان تحولت * نعم الجنان على العبيد جحيما والوصل لو سكن الجحيم تحولت * نار الجحيم على العبيد نعيما . ومن لم يسلك على يد شيخ فمن لازمه محبة الإقامة في محل العبد وكراهة النقلة منه . وسمعت شيخنا شيخ الإسلام زكريا رحمه الله يقول : إن الموت يصعب على البعد ويخف بحسب علائقه في الدنيا وما خرج عن ذلك سوى الأنبياء عليهم الصلاة والسلام وكمل أتباعهم ، فهم وإن حصل لهم صعوبة طلوع روح فإنما ذلك لطلبهم الإقامة في الدنيا ليكملوا مقامات أتباعهم لما جعله الله فيهم من الشفقة والرحمة ومحبة الخيرات لسائر أممهم ، فليس صعوبة طلوع روحهم لعلاقة دنيوية لعصمتهم أو حفظهم ، وعلى ذلك حملوا قوله صلى الله عليه وسلم وهو محتضر وا كرباه فإنه صلى الله عليه وسلم لم يكن له علاقة دنيوية بإجماع . * ( والله غفور رحيم ) * . روى الشيخان وغيرهما مرفوعا : " " من أحب لقاء الله أحب الله لقاءه ، ومن كره لقاء الله كره الله لقاءه ، فقالت عائشة رضي الله عنها : كلنا نكره الموت ، قال ليس ذلك ، ولكن المؤمن إذا بشر برحمة الله ورضوانه وجنته أحب لقاء الله فأحب الله لقاءه ، وإن الكافر إذا بشر بعذاب الله وسخطه كره لقاء الله فكره الله لقاءه " " . وفي رواية للإمام أحمد وغيره : " " فإن الكافر أو الفاجر إذا احتضر جاءه