ولا أقيمت عند الحاكم بذلك بينة عادلة ، وهذا كله من عدم خوف من وقع في ذلك على دينه . فيحتاج من يريد العمل بهذا العهد إلى السلوك على يد شيخ ناصح حتى يخرق بصره إلى الدار الآخرة ، ويطابق بينها وبين هذه الدار وينظر ما يمشي عند الله هناك فيفعله هنا وما لا يمشي هناك فيتركه هنا ، ومن لم يسلك كما ذكرنا فمن لازمه أن لا يشم شيئا من رائحة التورع عن الوقوع في أعراض المسلمين . والله عليم حكيم . روى الشيخان وغيرهما مرفوعا : " " اجتنبوا السبع الموبقات فذكر منهن وقذف المحصنات الغافلات المؤمنات " " . وروى ابن حبان في صحيحه مرفوعا : " " إن أكبر الكبائر عند الله يوم القيامة رمي المحصنة " " . وروى الطبراني بإسناد جيد مرفوعا : " " من ذكر امرأ بشئ ليس فيه ليعيبه به حبسه الله تعالى في نار جهنم حتى يأتي بنفاذ ما قال فيه " " . وروى الشيخان وغيرهما مرفوعا : " " من قذف مملوكه بالزنا يقام عليه الحد يوم القيامة إلا أن يكون كما قال " " . قلت : في هذا الحديث تصريح بأن أحكام الدار الآخرة فد تخالف الحكم الشرعي في دار الدنيا ، وإلا فقد صرحت الأحاديث بتحريم الغيبة والنميمة ، وإن كان صاحبها محقا . والله أعلم . وروى الحاكم وقال صحيح الإسناد عن عمرو بن العاص أنه زار عمة له فدعت بطعام فأبطأت الجارية فقالت ألا تستعجلين يا زانية ؟ فقال عمرو سبحان الله لقد قلت عظيما هل اطلعت منها على زنى ؟ قالت : لا والله فقال إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " " أيما عبد أو امرأة قال أو قالت لوليدتها يا زانية ولم تطلع منها على زنى جلدتها وليدتها يوم القيامة لأنه لأحد لهن في الدنيا " " . والله تعالى أعلم .