مقامه ، فإن كل من احتاج إلى إنسان هان في عينه لأنه حينئذ يصير معدودا من عائلته فيقل نفع ذلك الشيخ . وسمعت سيدي محمد الشناوي رحمه الله يقول : مال المريدين حرام على الأشياخ إلا أن يتحوا [ يتحدوا ؟ ؟ ] بالشيخ فيصير مالهم معدودا عندهم من فضل شيخهم وصدقته عليهم ، وقد بلغنا أن نبينا من أنبياء بني إسرائيل كان فقيرا أول رسالته ، فكان إذا جاع وقف على أبواب بني إسرائيل يطلب منهم غداء أو عشاء ، فشق عليه ذلك فقال : يا رب إن خزائن رزقك ملأى لا تعجز عن غدائي وعشائي ، فلو أغنيتني عن بني إسرائيل ؟ فأوحى الله تعالى إليه : يا نبيي ، إذا كانت هذه الشكاية في خلقك على بني إسرائيل وأنت محتاج إليهم ، فكيف لو أغنيتك عنهم ؟ فتأدب وصبر حتى أغناه الله من فضله ، وصار بنو إسرائيل يأكلون على سماطه . وسمعت سيدي عليا الخواص رحمه الله يقول : يجب على الشيخ أن يكون كريما حمالا للأذى وإلا لم يفلح له مريد ، فاعلم أن الدنيا إذا خرجت من قلب مريد لا يتصور وقوعه في البخل المذموم أبدا بعد ذلك ، وإنما يمنع بالحكمة كما يعطى بالحكمة تخلفا بأخلاق الله تعالى ، فإنه تعالى سمى نفسه المانع ولم يسم نفسه بخيلا ، فافهم فلا ينبغي للفقير أن يعطي أحدا شيئا طلبه منه حتى ينظر حاله ، وماذا هو عازم عليه وعلى إنفاقه فيه ، ثم يعطيه بعد ذلك ، فإياك يا أخي أن تسئ الظن بأحد من الأشياخ إذا سألته شيئا ولم يعطه لك فإنه لم يمنعك عن بخل حاشى الأشياخ عن ذلك . فاسلك يا أخي على يد شيخ ليعلمك أدب العطاء وأدب المنع والله يتولى هداك . روى مسلم وغيره إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول : " " اللهم إني أعوذ بك من البخل والكسل " " . وروى مسلم مرفوعا : " " واتقوا الشح فإن الشح أهلك من كان قبلكم ، حملهم على أن سفكوا دماءهم واستحلوا محارمهم " " . قال الحافظ عبد العظيم : والشح مثلث الشين وهو البخل والحرص ، وقيل الشح الحرص على ما ليس عندك ، والبخل الشح بما عندك . وفي رواية لابن حبان وغيره : " " إياكم والشح فإنه دعا من كان قبلكم فقطعوا أرحامهم واستحلوا حرماتهم " " .