وأنشد أيضا : خبرت الدهر ملتمسا بجهدي * أخا ثقة فأكده التماسي تكدرت البلاد علي حتى * كأن أناسها ليسوا أناسي فاعلم أن من كتم الأسرار ما يتعلق بعزل الولاة وأضرابهم ، فإياك أن يطلعك الله تعالى على شئ من أحوالهم ومن أحوال السلطان الأعظم فتخبر به الناس ، بل اصبر واكتم ذلك حتى يقع في الوجود ويشهد الخاص والعام . والله عليم حكيم . وكان سيدي إبراهيم المتبولي رضي الله تعالى عنه يقول : إياكم واطلاعكم الناس على ما كشف لكم من أحوال الخلق ، فإن المفشي لذلك حكمه حكم الجالس في بيت الخلاء ، مكشوف العورة مفتوح الباب ، فكل من مر عليه من العقلاء يلعنه لكشف عورته ، وهتكه سريرته وتعريضه نفسه للقتل بذلك . وقد قال رجل من أهل الكشف مرة لرجل من الناس : رأيت فلانا مع امرأتك ، فجاء ذلك المتهوم وقتل الشيخ الذي أخبر بالزنا . وقد أنشدني شيخنا شيخ الإسلام زكريا الأنصاري نفعنا الله ببركاته : احفظ لسانك أيها الإنسان * ليلدغنك إنه ثعبان كم في المقابر من قتيل لسانه * كانت تهاب لقاءه الشجعان فاكتم يا أخي السر المتعلق بك وبالمسلمين والله يتولى هداك . وهو يتولى الصالحين . روى مسلم وأبو داود وغيرهما مرفوعا : " " إن من شر الناس عند الله منزلة يوم القيامة ، الرجل يفضي إلى امرأته وتفضي إليه ، ثم ينشر أحدهما سر صاحبه " " . وروى الإمام أحمد عن أسماء أنها كانت عند رسول الله صلى الله عليه وسلم والرجال والنساء قعود عنده ، فقال : لعل رجل يخبر بما فعل بأهله ، ولعل امرأة تخبر بما فعلت مع زوجها فأرم القوم ، فقلت : والله يا رسول الله إنهم ليفعلون ،