ولفظ رواية النسائي : " " من كانت له امرأتان له ميل لإحداهما على الأخرى جاء يوم القيامة أحد شقيه مائل " " . وروى أبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجة وابن حبان في صحيحه عن عائشة قالت : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقسم فيعدل ويقول : اللهم هذا قسمي فيما أملك فلا تلمني فيما تملك ولا أملك يعني القلب . والله أعلم . ( أخذ علينا العهد العام من رسول الله صلى الله عليه وسلم ) أن لا نشتغل بشئ من العبادات ونترك الكسب بحيث نضيع عيالنا وأنفسنا ، ونحتاج كلنا إلى سؤال الناس ، وهذا العهد يقع في خيانته كثير من المتعبدين وطلبة العلم . فيحتاج من يريد العمل به إلى سلوك الطريق على يد شيخ يعلمه مراتب العبادات ، وما هو الأولى منها ليقدمه على غير الأولى ، لأن عمر الإنسان أعز من الدنيا وما فيها وهو قصير ، فوجب أن يبدأ العبد بالأهم فالأهم ، ليكون الأعز فالأعز ، ولولا أن من شأن العبد الملل لما كان له أن يشتغل بغير الأعز فيه ابدا ، فلما ركبه الله تعالى على الملل جعل له رتبة أخرى مفضولة لينتقل إليها إذا مل ، فإذا مل منها كذلك ينتقل إلى المباح وهذا كله من رحمة الله بعباده . وقد قال الإمام الشافعي رضي الله عنه : طلب العلم أفضل من صلاة النافلة ، مع أن الثلث الأخير من الليل كان يصرفه في التهجد دائما ، فلولا أن العبد يمل من الاشتغال بالعلم لكان جعل الثلث الأخير كذلك للعلم . وحاصل الأمر أن تقديم الكسب واجب مقدم على الاشتغال بالعلم وغيره بأي طريق كان الكسب حتى بالسؤال للناس بشرطه ، فإذا حصل الإنسان قوته اجتمع فكره . وقد كان الإمام الشافعي رحمه الله يقول : لا تشاور من ليس في بيته دقيق أي لأنه مشتت البال ، فاعلم أن حياة الأبدان مقدمة على حياة الأرواح ، والقوت بالعلم لأن حياة الروح فرع عن حياة الجسم ، من حيث أنه محل لظهور أفعال التكليف ، وإقامة شعار الدين ، وهذا اللون في حق من يضيع من يعول مع اشتغاله بخير آخر فكيف بمن يضيعهم لاشتغاله باللهو واللعب ونحو ذلك : والله يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم .