قائم يصلي طول الليل والناس ينظرون فهو لا يصح له أن يرائي بما فعل ذلك الشخص أبدا ولو أنه ادعى ذلك لكذبه الناس ، ومثل ذلك أيضا ما لو استعار ثوبا ليحضر به عرسا وجميع من حضر العرس يعرفون أن ذلك الثوب لفلان أعارها له فلا يصح له أن يدعيها لنفسه ، ولو ادعى كذبه الناس ولم يحصل له به تجمل ، بل كان العري له أولى من لبسه ، وكذلك القول في المرائي بعمله يكذبه الله وملائكته وجميع العارفين وتمقته القلوب ، قال تعالى : * ( كبر مقتا عند الله أن تقولوا ما لا تفعلون ) * . أي لو انكشف حجابكم لرأيتم الله تعالى فاعلا ومقتم نفوسكم عنده يعني في حضرة شهوده لادعائها ما ليس لها لا أن الله تعالى يمقت العبد على وجه نسبة الفعل إلى نفسه ، فإنه تعالى قد أضاف الأفعال إلى عباده وما أضافه إليهم لا يصح مقتهم لأجله فافهم . وبالجملة فمن راءى الناس بأعماله فهو مجنون والسلام . روى مسلم والترمذي وغيرهما مرفوعا : " " أول الناس يقضى عليه يوم القيامة رجل تعلم العلم وعلمه وقرأ القرآن فيؤتى به فيعرفه الله تعالى نعمه عليه فيعرفها فيقول الله تعالى له ما عملت فيها ؟ فيقول : تعلمت العلم وعلمته وقرأت القرآن فيك ، فيقول له الحق تعالى كذبت ولكنك تعلمت ليقال عالم ، وقرأت ليقال هو قارئ فقد قيل ، ثم أمر به فيحسب على وجهه حتى ألقى في النار " " . وروى ابن خزيمة في صحيحه مرفوعا : " " إن الله تعالى يقول للقارئ يوم القيامة ألم أعلمك القرآن الذي أنزلته على رسولي ؟ فيقول بلى يا رب ، فيقول الله تعالى له : فماذا عملت فيما علمت ؟ قال : كنت أقوم لك به آناء الليل وآناء النهار ، فيقول الله عز وجل له : كذبت ، وتقول له الملائكة كذبت ، ويقول له الله عز وجل بل أردت أن يقال فلان قارئ ، وقد قيل ذلك فهو من أول من تسعر بهم النار " " . وروى الإمام أحمد وغيره مرفوعا : " " من عمل من هذه الأمة عمل الآخرة للدنيا فليس له في الآخرة من نصيب " " .