قلت : ويفهم من هذا الحديث أن من كان على طريقة يحبها الله تعالى وابتلى ببلاء فهو رفع درجات . والله تعالى أعلم . وروى ابن ماجة وابن أبي الدنيا والترمذي وقال حسن صحيح عن سعد قال : قلت يا رسول الله أي الناس أشد بلاء ؟ قال : " " الأنبياء ثم الأمثل فالأمثل ، يبتلى الرجل على حسب دينه ، فإن كان في دينه صلبا واشتد بلاؤه ، وإن كان في دينه رقة ابتلاه الله على حسب دينه فلا يبرح بالعبد حتى يمشي على الأرض وما عليه خطيئة " " . وفي رواية لابن حبان في صحيحه : " " فمن ثخن دينه أشتد بلاؤه ، ومن ضعف دينه ضعف بلاؤه " " . وروى ابن ماجة وابن أبي الدنيا والحاكم وقال صحيح على شرط مسلم مرفوعا : " " إنا كذلك يشدد علينا البلاء ويضاعف لنا الأجر ، فقال أبو سعيد يا رسول الله من أشد الناس بلاء ؟ قال الأنبياء : قال ثم من ؟ قال العلماء . قال ثم من ؟ قال : الصالحون كان أحدهم يبتلى بالقمل حتى يقتله ، ويبتلي أحدهم بالفقر حتى ما يجد إلا العباءة يلبسها ، ولأحدهم كان أشد فرحا بالبلاء من فرحكم بالعطاء " " . قال صلى الله عليه وسلم ذلك لما دخل عليه أبو سعيد وهو يتوعك عليه قطيفة فوضع يده فوق القطيفة فقال : ما أشد حماك يا رسول الله ؟ فقال : إنا كذلك يشدد علينا البلاء . الخ . قلت : والمراد بالعلماء في الحديث العلماء بالله تعالى ، وبأحكامه من حيث كونهم ورثة الأنبياء ، والمراد بالصالحين من شارك العلماء في العمل وتخلف عنهم في درجة العلم كالعباد ونحوهم من المقلدين . والله تعالى أعلم . وروى الترمذي وابن أبي الدنيا والطبراني مرفوعا : " " يود أهل العافية يوم القيامة حين يعطى أهل البلاء الثواب لو أن جلودهم كانت تقرض بالمقاريض " " .