وأحوال السلف الصالح في الخوف كثيرة ومشهورة ، فطالع يا أخي في مناقبهم ، وإياك والاقتداء بأهل هذا الزمان المتمشيخين بأنفسهم فإنك ربما هلكت . وكان آخر الخائفين من الإخوان الذين أدركتهم الأخ الصالح الشيخ أبا الفضل الأحمدي رحمه الله تعالى . رأيت مرة قائلا يقول لي يا فلان ما صحبت في عمرك مثل أبي الفضل ولا تصحب ، فحكيت ذلك له فارتمى إلى الأرض وصار يفحص بيديه ورجليه كالطير المذبوح ، فلما أفاق قال لي قتلتني في هذا النهار ، ومن أنا حتى تتكلم بي الهواتف ؟ والله ما أظن إلا أن الله تعالى ينظر إلي نظر الغضب ليلا ونهارا ولكن أسأله بنبيه محمد صلى الله عليه وسلم أن يمن علي بحسن الخاتمة والموت على التوحيد آمين . وقد كان الإمام أبو بكر الصديق صاحب سيد الأولين والآخرين صلى الله عليه وسلم يقول : والله لوددت أن أكون شجرة تعضد ، فكيف بأمثالنا ؟ فاسلك يا أخي عل يد شيخ حتى يخرجك من مواطن تلبيس النفس والشيطان وتصير تخاف من الله تعالى لتأمن من عذابه يوم القيامة ، فإن من خافه هنا أمن منه هناك وبالعكس ، وتأمل قوله تعالى : * ( يوم نحشر المتقين إلى الرحمن وفدا ) * . تعثر على جميع ما قلناه ، وذلك أن المتقي ما حشر إلى الرحمن الذي يعطي الرحمة إلا لكونه كان في دار الدنيا جليس أسماء الخوف والانتقام ، ولذلك اتقى ربه ، ولو أنه كان جليس أسماء الحنان واللطف والمغفرة لما خاف وكان يقع في كل محظور فافهم . والله تعالى أعلم . وروى الشيخان مرفوعا : سبعة يظلهم الله تعالى في ظله يوم لا ظل إلا ظله ، فذكر منهم . ورجل دعته امرأة ذات منصب وجمال ، فقال : إني أخاف الله . وفي حديث الترمذي والحاكم في قصة الكفل الذي كان في بني إسرائيل وكان لا يتورع عن ذنب ، أنه دعا امرأة وراودها عن نفسها وأعطاها ستين دينارا على أن يطأها ، فلما جلس مجلس الرجل من امرأته ارتعدت وبكت ، فقال ما يبكيك ؟ قالت لأن هذا عمل ما عملته قط ، وما حملني عليه إلا الحاجة ، فقال أو تفعلين هذا من مخافة الله ؟