وأنشد ابن سينا في الروح : هبطت إليك من المحل الأرفع * ورقاء ذات تحجب وتمنع محجوبة عن كل مقلة عارف * وهي التي سفرت ولم تتبرقع وصلت على كره إليك وربما * كرهت فراقك وهي ذات تفجع أنفت وما سكنت فلما واصلت * ألفت مجاورة الخراب البلقع وأظنها نسيت عهودا بالحمى * ومدامعا هطلت ولم تتقطع إذا عاقها الشرك الكثيف وصدها * قفص عن الأوج الفسيح المرفع حتى إذا قرب المسير إلى الحمى * ودنا الرحيل إلى الفضاء الأوسع هجعت وقد كشف الغطاء فأبصرت * ما ليس بالعيون الهجع فكأنما برق تلمع بالحمى * ثم انطوى فكأنه لم يلمع ويحتاج من يريد العمل بهذا العهد إلى سلوك على يد شيخ ناصح يخلصه من العوائق والحجب التي تحجبه عن شهود الدار الآخرة وأهوالها ، ويعرفه أنه ما دام في هذه الدار فرسل الله تعالى مرسمة ؟ ؟ عليه تكتب عليه جميع ما شاء الله تعالى من الأقوال والأفعال فكأنه في سجن ، فإذا خرجت روحه فكأنه أطلق من السجن ، ومن لم يسلك كما ذكرنا فمن لازمه نسيان الموت والدار الآخرة كما هو حال أكثر الناس اليوم فكلنا في غمرة ساهون ، نسأل الله اللطف : وفي الحديث : من أراد أن ينظر إلى ميت يمشي على وجه الأرض فلينظر إلى أبي بكر الصديق رضي الله عنه . وإنما سماه رسول الله صلى الله عليه وسلم ميتا لأنه مات عن التدبير والاختيار مع الله تعالى ، وسلم نفسه لمجاري الأقدار ولم يبق عنده نزاع لها . فاسلك يا أخي على يد شيخ ليصير الموت نصب عينيك طبعا من غير تكلف ، فلا ترى إلا عاملا بخير أو مستغفرا من ذنب قد سبق على أيام السلوك لك ، والله تعالى هداك . روى ابن ماجة والترمذي وحسنه وابن حبان في صحيحه مرفوعا :