( أخذ علينا العهد العام من رسول الله صلى الله عليه وسلم ) أن نقول كلما نزلنا منزلا في السفر : " أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق " . فإن من قال ذلك لم يضره شئ حتى يرتحل من منزله ، وذلك لما رواه مالك ومسلم والترمذي وابن خزيمة في صحيحه . وقد رتب الله تعالى الأسباب على مسبباتها والكل منه وإليه ، فكما خلق الري عند الشرب والشبع عند الطعام ، فكذلك يحرسك عند قولك ما أمرك الله تعالى بقوله فاعلم ذلك . وروى الطبراني بإسناد لا بأس به عبد الله بن بسر قال : خرجت من حمص فآواني الليل إلى البيعة فحضرني أهل الأرض فقرأت هذه الآية من الأعراف : * ( إن ربكم الله الذي خلق السماوات والأرض ) * . إلى أخر الآية ، فقال بعضهم لبعض احرسوه الآن حتى يصبح ، فلما أصبحت ركبت دابتي . والله تعالى أعلم . ( أخذ علينا العهد العام من رسول الله صلى الله عليه وسلم ) أن ندعو لإخواننا المسلمين بظهر الغيب لا سيما المسافرون ، وأول ما ترجع منفعة ذلك علينا بقول الملك ولك مثله . واعلم أن من جملة الدعاء للإخوان قولنا اللهم لا تستجب لنا دعاء على أحد من إخواننا وأولادنا وغيرهم حال غضب منا عليهم ، فإن الله تعالى ربما لم يستجب دعاءنا فيهم ، وهذا معدود من الشفقة والرحمة بالإخوان والأولاد والأهل وغيرهم ، فربما دعا الإنسان على من يحبه في حال غضب فيستجيب الله تعالى دعاءه فيه فيندم على ذلك ويطلب رد السهم فلا يرتد . وبالجملة فكل ما فعله الإنسان مع الخلق يرجع عليه نظيره ، فإن لم يدركه ذلك أدرك ذريته من بعده ، وقد تقدم في هذه العهود قول أبي النجاء القوى رحمه الله تعالى لأصحابه لما سألوه الوصية لهم وهو محتضر : اعلموا أن الوجود كله يقابلكم بحسب ما برز منكم من الأعمال ، فانظروا كيف تكونون ؟ فمن رجع عليه سوء فلا يلومن إلا نفسه . * ( والله غفور رحيم ) * .