جماعته لتحصل لي بركته ، فيرجع ذلك الرجل وهو معتقد في شيخ حارته ويملأ عينه منه . فاسلك يا أخي على يد شيخ حتى يخرجك من حب الرياسة وتصير تحب الخفاء لنفسك والظهور لغيرك ، وهناك لا تصير تقدر تسمع غيبة في أحد من إخوانك ، وما دمت تحب الدنيا والظهور فمن لازمك محبة تنقيص إخوانك تصريحا وتعريضا فتكون ممقوتا بين العباد وتنصرم منك المشيخة وكلما ترقع ثوبها تخرقت من موضع آخر : وسمعت أخي أفضل الدين رحمه الله يقول لفقير رآه إذا ركب يجعل جماعته يمشون معه كالصغير الذي في زفة طهوره ، كيف تحب الظهور في هذه الدار وإبليس نفسه اختار الخفاء فيها وقال لا أظهر في دار لعنني الله فيها فشئ زهد فيه إبليس وكرهه كيف تحبه أنت ، فقلت له : لنا مخالفة إبليس في كل شئ أحبه فإنه لا يحب إلا الشر ، فقال صحيح ، ولكن ذكرت ذلك توبيخا مثل ما نوبخ المسلم بالخلق الحسن الذي نراه في الكافر وإن لم يتدين هو به كما إذا رأينا الرهبان يزهدون في الدنيا وشهواتها ، فنقول نحن أحق بذلك منهم كما قال عمر رضي الله تعالى عنه لمن رآه يأكل الطيبات منهم منهمكا عليها . * ( أذهبتم طيباتكم في حياتكم الدنيا ) * . مع أنها وردت في أهل الكتاب فافهم . وكان سيدي علي بن وفا يقول : يا مريد الله لا نحتفل بظهور شأنك احتفالا يؤدي إلى تفعلك واستجلاء ذكر الناس لك بذكر الكمالات ، فإنك إن رزقت ما طلبت لن تتمتع به إلا قليلا ، ثم الله أشد بأسا وأشد تنكيلا ، واسع في الخفاء جهدك حتى يقع الظهور لك قهرا عليك صدقة من الله عليك . * ( وكفى بالله وليا وكفى بالله نصيرا ) * . فاعلم ذلك واعمل عليه يذهب عنك الغل والحسد وسائر الأمراض الباطنة المتعلقة بالناس الحاملة لك على غيبتهم والحاملة على غيبتك ، والله يتولى هداك . وروى الإمام أحمد بإسناد حسن مرفوعا : " " من ذب عن عرض أخيه في الغيبة كان حقا على الله أن يعتقه من النار " " .