والأفعال لله تعالى لم أجد لي عملا حتى أطلب به الثواب ، وإنما هو تعالى يحركني كالآلة الفارغة التي ليس عليها شئ ينتقل إلى غيرها كدولاب الغزل الفارغ ، والتكاليف تابعة للنسب والإضافات الشرعية ، وقد أضاف الله تعالى الأعمال بالوجه اللائق بنا وبنى على ذلك الثواب والعقاب ، ويكفينا ذلك في تعقل إقامة الحجة علينا . فاحمد يا أخي ربك محبة فيه ، وامتثالا لأمره ، لا ليعطيك شيئا في نظير ذلك تكن من أهل الأدب معه تعالى ، والله يتولى هداك . روى أبو داود وابن ماجة والترمذي مرفوعا : " " من أكل طعاما ثم قال الحمد لله الذي أطعمتني هذا الطعام ورزقنيه من غير حول مني ولا قوة غفر له ما تقدم من ذنبه " " . وروى مسلم والنسائي والترمذي وحسنه مرفوعا : " " إن الله تعالى ليرضى عن العبد أن يأكل الأكلة فيحمده عليها أو يشرب الشربة فيحمده عليها " " . قال الحافظ : والأكلة بفتح الهمزة المرة من الأكل ، وقيل بضم الهمزة وهي اللقمة . وروى الطبراني وابن حبان في صحيحه : أن النبي صلى الله عليه وسلم خرج وأبو بكر وعمر رضي الله عنهما إلى دار أبي أيوب الأنصاري فذكر الحديث بطوله إلى أن قال : فأخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئا من لحم الجدي ، فوضعه في رغيف وقال : يا أبا أيوب أبلغ هذا فاطمة فإنها لم تصب مثل هذا منذ أيام فذهب به أبو أيوب إلى فاطمة فلما أكلوا وشبعوا ، قال النبي صلى الله عليه وسلم : خبز ولحم وبسر ورطب ودمعت عيناه ، وقال : والذي نفسي بيده إن هذا هو النعيم الذي تسألون عنه يوم القيامة ، فكبر ذلك على أصحابه ، فقال : بل إذا أصبتم مثل هذا فضربتم بأيديكم فقولوا باسم الله ، وإذا شبعتم فقولوا الحمد لله الذي هو أشبعنا وأنعم علينا فأفضل ، فإن هذا كفاف بهذا . وروى أبو يعلي مرفوعا : " " من أكل فشبع وشرب فروي ، فقال الحمد الله الذي