مسحها إحراز للبركة كما ورد ، فربما كانت البركة الموضوعة في الطعام في تلك البقايا التي على الأصابع ، ومن فاته بركة الطعام كان كالذي يأكل ولا يشبع ، وقد استعاذ من ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم : وقد ورد إن الله تعالى أخفى ثلاثا في ثلاث : أخفى رضاه في طاعته ، وأخفى سخطه في معصيته ، وأخفى أولياءه في عباده . أي فربما كان رضا الله تعالى عنه معلقا على طاعة لا يؤبه لها لقلتها وسهولتها ، وربما كان سخطه تعالى في معصية صغيرة في رأي العبد لا يتنبه لها غالب الناس ، وربما كان ذلك الشخص الذي ازدريناه في عيننا من أولياء الله تعالى في مقتنا الله تعالى ، فوجب على كل عاقل الإقبال على فعل كل مأمور ، والإدبار عن فعل كل منهي وتعظيم كل مسلم بطريقه الشرعي ، فإن الله تعالى إنما كلفنا بنهي المسلمين عن كل منكر ولم يبح لنا ازدراءهم ، ولا يخفي أن رضا الله المعلق على فعل شئ إذا حصل لا يقع بعده سخط على ذلك العبد أبدا ، كما أن سخطه إذا حصل لا يقع بعده رضا على ذلك العبد أبدا ، وإذا مقت من ازدرى وليا لا يفلح بعد ذلك أبدا . فافعل يا أخي جميع المأمورات واعتن بالسنن كأنها واجبات واجتنب المناهي ولو مكروهات واجتنبها كما تجتنب المحرمات ، فمن استهان بالسنن كفر ، كما أن من استهان بالمكروهات كذلك ، وفي الحديث : المؤمن يرى ذنوبه كأنه تحت جبل يخاف أن تقع عليه ، والفاجر يرى ذنوبه كذباب مر على أنفه فقال به هكذا . ولا تقدر يا أخي على الوصول إلى العمل بهذا العهد إلا إن سلكت الطريق على يد شيخ صادق حتى يوصلك إلى حضرات تعظيم أوامر الله ونواهيه ، وإلى فمن لازمك التهاون بها . وسمعت سيدي محمد بن عنان يقول : لا يبلغ الفقير مقام الأدب مع الله تعالى إلا إن تاب من ترك السنن كما يتوب من ترك الواجبات ويندم على فعل المكروهات ، كما يندم على فعل الكبائر هذا لفظه . وسمعت سيدي عليا الخواص رحمه الله يقول : لا يبلغ العبد إلى مقام الأدب مع الله