وسمعت سيدي عليا الخواص رحمه الله يقول : سموا الله تعالى على كل حركة وسكون يبارك لكم فيها ، وما شرعت التكاليف كلها إلا لحضر العبد فيها مع الله . وكان ولدي عبد الرحمن وهو ابن ثلاث سنين يقول كلما يأكل : بسم الله الشافي ، من غير أن أعلمه ذلك وهي مناسبة للمقام ، ولا يخفي أن الخلق ولو علت رتبتهم في المقامات يحتاجون إلى التسمية قياما بشعائر السنة خلاف ما عليه بعض أهل الشطح من قولهم : إنما يسمى الله على طعامه من كان يرى ملكا مع الله تعالى ، أما من يرى الملك في الطعام لله تعالى وأنه مقدمه إليه فلا يحتاج إلى تسميته ، لأن طعام الحق تعالى إذا قدمه لعبده بركة في نفسه لا يقبل الزيادة في النمو . والحق أن كل طعام قدم للعبد له وجهان ، وجه إلى نسبته إلى العبد وكسبه ، ووجه إلى نسبته إلى الحق تعالى وخلقه ، فوجه نسبة الخلق يقبل الزيادة ، ووجه نسبة ذلك إلى الحق لا يقبل الزيادة . ودخل على الشيخ شمس الدين الأبوصيري أحد أصحاب الشيخ أبي مسعود الجارحي رحمه الله فأكل ولم يسم ، فقال طعام الأستاذين لا يحتاج إلى تسمية الله تعالى عليه لأنه بركة في نفسه ، فأقمت عليه الحجة في ذلك ، فرجع إلى رحمه الله فاعلم ذلك وكن متبعا للسنة في كل عمل سواء عقلت معناها أم لم تعقله ، فإنه لا أكمل مما شرعه الحق تعالى على ألسنة رسله أبدا . * ( والله عليم حكيم ) * . روى أبو داود والترمذي وقال حديث حسن صحيح وابن ماجة وابن حبان في صحيحه عن عائشة رضي الله عنها : أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يأكل طعاما في ستة من أصحابه فجاء أعرابي فأكله بلقمتين ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " " أما إنه لو سمى الله لكفاكم " " . وروى أبو داود وابن ماجة مرفوعا : " " إذا أكل أحدكم طعاما فليذكر اسم الله تعالى عليه ، فإن نسي في أوله فليقل باسم الله في أوله وآخره " " .