وروى أبو داود والبيهقي عن عقبة بن عبيد السلمي قال : استكسيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فكساني خيشتين فلقد رأيتني وأنا أكسي أصحابي والخيشة ثوب يتخذ من مشاقة الكتان تغزل غزلا غليظا وتنسج نسجا رقيقا ، وقوله : وأنا أكس أصحابي أي وأنا أعظمهم وأعلاهم كسوة : وروى أبو داود وابن ماجة والترمذي عن بريدة قال لو رأيتنا ونحن مع نبينا صلى الله عليه وسلم وقد أصابتنا السماء حسبت أن ريحنا ريح الضأن . قال الحافظ : ومعنى الحديث أنه كان ثيابهم الصوف ، وكان إذا أصابهم المطر تجئ من ثيابهم ريح الصوف . وزاد في رواية للطبراني في آخره إنما لباسنا الصوف ، وطعامنا الأسودان التمر والماء . وروى أبو يعلي والترمذي واللفظ لأبي يعلي أن علي بن أبي طالب كرم الله وجهه ورضي عنه قال : خرجت في غداة شاتية جائعا ، وقد أوبقني البرد ، فأخذت ثوبا من صوف قد كان عندي ، ثم أدخلته في عنقي وأخرمته على صدري أستدفئ به ، والله ما كان لي شئ أكمل منه ، ولو كان في بيت النبي صلى الله عليه وسلم شئ لبلغني فذكر الحديث ، إلى أن قال : ثم جئت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فجلست إليه في المسجد وهو مع عصابة من أصحابه ، إذ طلع علينا مصعب بن عمير في برد له مرقعة بفروة ، وكان أنعم غلام بمكة وأرفعه عيشا ، فلما رآه النبي صلى الله عليه وسلم ذكر ما كان فيه من النعيم ، ورأي حاله التي عليه فذرفت عيناه فبكى ، ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " " أنتم اليوم خير أم إذا غدي على أحدكم بجفنة من خبز ولحم وريح إليه بأخرى وغدا في حلة وراح في أخرى ، وسترتم بيوتكم كما تستر الكعبة قلنا بلى نحن يومئذ خير نتفرغ للعبادة ، قال بل أنتم اليوم خير " " . ولفظ رواية الترمذي عن علي قال : خرجت في يوم شات من بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وقد أخذت إهابا مطويا فجوبت وسطه فأدخلته في عنقه وشددت وسطى فحزمته بخوص النخل وإني لشديد الجوع ، فذكر الحديث . ومعنى جوبت : خرقت في وسطه خرقا كالجيب وهو الطوق الذي يخرج الإنسان منه رأسه ، والإهاب الجلد ، وقيل ما لم يدبغ .