إن الله تعالى أوحى إلى موسى عليه السلام : يا موسى إذا جاءتك مني باقلاة مسوسة على يد أحد من عبادي فاشكرني على ذلك فإني مهديها إليك ولا ترى نفسك أهلا لها هكذا شأن العبيد . واعلم أن تتمة الشكر أن يتصدق العبد بالخلق إذا لبس الجديد ولا يحبسه عنده إلا لغرض شرعي ، كأن يعده للمحتاج إليه من قرابته أو يكون من وجه حل . * ( والله عليم حكيم ) * . واعلم أن أعظم الشكر والحمد على النعمة أن يكون ذلك بالفعل لا بالقول قال تعالى : * ( اعملوا آل داود شكرا ) * . ولم يقل قولوا آل داود شكرا ، وهذه الأمة أولى بذلك لعلو مقامها فافهم ، فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم قام حتى تورمت قدماه شكرا لله ولم يكتف بالقول ، فما ورد من الاكتفاء بالشكر بالقول إنما هو رخصة للضعفاء . * ( والله عليم حكيم ) * . وسمعت أخي أفضل الدين يقول : يجب على الشاكر أن يرى جميع ما يشكر به ربه من جملة نعم الله عليه ، فلا يرى أنه كافأ الحق في نعمة من النعم ، ولو سجد على الجمر من افتتاح الوجود إلى انتهائه . * ( والله غني حميد ) * . روى أبو داود والحاكم مرفوعا : " " من أكل من طعام فقال ، الحمد لله الذي أطعمني هذا ورزقنيه من غير حول مني ولا قوة غفر له ما تقدم من ذنبه ، ومن لبس ثوبا جديدا فقال : الحمد لله الذي كساني هذا ورزقنيه من غير حول مني ولا قوة ، غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر " " . وليس في رواية الحاكم وما تأخر . وروى الترمذي وغيره أن عمر رضي الله عنه لبس ثوبا جديدا فقال الحمد لله الذي كساني ما أواري به عورتي ، وأتجمل به في حياتي ثم قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " " من لبس ثوبا جديدا فقال : الحمد لله الذي كساني ما أواري به عورتي ،