responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : العهود المحمدية نویسنده : عبد الوهاب الشعراني    جلد : 1  صفحه : 203


فاخرج يا أخي زكاة فطرك ، ولا تبخل بشئ تبيعه من أمتعتك التي لا ضرورة إليها في ثمن زكاة فطرك ، وتأمل نفسك وبذلها الدراهم الكثيرة للقاضي وحاشيته والمفتش وحاشيته إذا لم يمشوا لك حاجتك وحسابك الدنيوي ، بل ترى الحظ الأوفر لنفسك في إعطائها كل ما طلبه الولاة ، وذلك لتوفر داعية نفسك إلى محبة الدنيا دون الآخرة ، بل لو قال لك قائل لا تبذل هذه الفلوس كلها في تحصيل تلك الوظيفة أو في تمشية ذلك الحساب لا ترجع إليه وتخالف رأيه ، فهكذا يا أخي فليكن دينك عندك أرجح ، فإن لم يكن راجحا على حب دنياك فلا أقل من المساواة .
وقد أجمع الأشياخ على أنه لا يقدر أحد يعامل الله تعالى للدار الآخرة حتى يرى الدنيا كلها في عينيه كالتراب لا يستكثر شيئا منها يبذله في مرضاة الله .
وقالوا : من كانت دنياه أعز عليه من دينه فهو أخس الناس مرتبة عند الله وعند خلقه ، وإن عظمه أحد من الخلق فإنما ذلك لعلة دنيوية . فاعلم أنه ينبغي لكل من صار قدوة أن لا يتخلف عن فعل مأمور أو اجتناب منهي ، وذلك لئلا يكون من أئمة الضلال والله إني لأخرج من البيت لصلاة الجماعة وقراءة الورد وأنا أحس بعظمي أنه ذائب ، وربما أصطبغ في المجلس بين الفقراء وهم يقرءون الورد خوفا أن أتخلف فيتبعني بعض الكسالى على ذلك ، فأكون معدودا من أئمة الضلال ، أو يكون على وزر كل من تخلف بتخلفي ، فلا يوجد أحد أتعب قلبا ولا جسدا ممن يطلب أن يكون قدوة للناس في الخير فإن القدوة إن بخل بخلوا ، وإن تكرم تكرموا ، وإن جبن عن الجهاد جبنوا ، وإن تشجع تشجعوا ، وإن أقام الليل قاموا ، وإن نام الليل ناموا ، وإن زهد في الدنيا زهدوا ، وإن رغب في شهواتها رغبوا ، وإن اغتاب الناس اغتابوا ، وإن حفظ لسانه حفظوا ، وإن أكل الحرام والشبهات أكلوا ، وإن خزن الدنيا خزنوا ، وإن أنفقها أنفقوا ، وإن ناقش نفسه في دسائسها ناقشوا أنفسهم كذلك ، وإن أهملها أهملوا ، وإن تحمل أذى الناس تحمل أصحابه ، وإن لم يتحمل لم يتحملوا ، وإن ستر عورات الناس ستروا ، وإن هتك عوراتهم هتك أصحابه كذلك تبعا له ، وإن تواضع للناس تواضع أصحابه ، وإن تكبر تكبروا وإن جلس على الحوانيت وأبواب المساجد جلس أصحابه كذلك ، وإن جلس في خلوته جلس أصحابه في خلاواتهم ؟ ؟ كذلك ، وهكذا في سائر الأحوال ، فالعاقل من اعتبر في نفسه ولم يكن عبرة لأحد .

نام کتاب : العهود المحمدية نویسنده : عبد الوهاب الشعراني    جلد : 1  صفحه : 203
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست