لا تزال أمتي على سنتي ما لم تنتظر بفطرها النجوم . وروى الإمام أحمد والترمذي وحسنه وابن خزيمة وابن حبان في صحيحه مرفوعا : " " قال الله عز وجل : إن أحب عبادي إلي أعجلهم فطرا " " . وروى الطبراني مرفوعا : " " ثلاثة يحبها الله عز وجل : تعجيل الفطور ، وتأخير السحور ، وضرب اليدين على الأخرى في الصلاة " " . روى أبو داود وابن ماجة وابن خزيمة وابن حبان في صحيحهما مرفوعا : " " لا يزال الدين ظاهرا ما عجل الناس الفطر ، لأن اليهود والنصارى يؤخرون " " . وروى أبو يعلي وابن خزيمة وابن حبان في صحيحهما عن أنس قال : " " ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم قط صلى صلاة المغرب حتى يفطر ولو على شربة من ماء " " . والله تعالى أعلم . ( أخذ علينا العهد العام من رسول الله صلى الله عليه وسلم ) أن نفطر من صومنا على تمر ، فإن لم نجد فعلى ماء . والحكمة في ذلك أن معظم ما كانت النفس محبوسة عنه في النهار الطعام والشراب وهي محتاجة إلى الطعام أكثر ، فلذلك قدم على الشراب ، فإنهم قالوا شهوة الشرب كذابة فإذا ردها الإنسان مرارا ذهبت ، ولا هكذا شهوة الطعام . وكان أخي أفضل الدين يكتفي في غالب أيامه بالريق الذي يعجن به الطعام قبل بلعه ولا يشرب إلا في النادر ، وفي الفطر على التمر المسارعة إلى تحلية النفس بعد تعبها لتطيعنا في وقت آخر إذا دعوناها إلى مثل ذلك العمل الذي حليناها لأجله ، وفي الشرب للماء المسارعة إلى طفئ لهيب تلك النار التي تأججت من الجوع وحرارة الطعام حتى انطبخ ، فلو قيل بالجمع بين التمر والماء عند الإفطار لم يكن بعيدا عن مراد الشارع ، لأنهما يكسران حدة الصوم ، وربما كان له ورد من صلاة أو غيرها بعد المغرب فيأتي به على وصف الإقبال وعدم الالتفات إلى الأكل والشرب ، ولذلك ورد : إذا حضر الطعام والصلاة فابدءوا بالطعام . ولعل محل ذلك إذا كان عنده توقان نفس إلى الطعام ، وإلا فقد ورد أيضا :