ولفظ رواية ابن حبان في صحيحه مرفوعا : " " ما من يوم يصبح على العباد إلا وملك بباب من أبواب الجنة يقول : من يقرض اليوم يجد غدا ، وملك بباب آخر يقول : اللهم أعط منفقا خلفا وأعط ممسكا تلفا " " . وكذلك رواه الطبراني ، إلا أنه قال : بباب السماء . قلت : قال بعض المحققين : والمراد بقول الملك اللهم أعط ممسكا تلفا . أي إنفاقا في وجوه الخير لأن الملك من عالم الخير فلا يدعو بفساد ، كما يقال فلان أتلف نفسه وماله في مرضاة الله تعالى ، وأما على ما يتبادر إلى الأذهان فالمتلف لماله إنما عليه الإثم وهو يدعو بالإثم فافهم . والله تعالى أعلم . وروى الشيخان وغيرهما مرفوعا : " " قال الله عز وجل أنفق ، أنفق عليك " " . وروى مسلم والترمذي مرفوعا : " " ابن آدم إنك إن تبذل الفضل خير لك وإن تمسكه شر لك ولا تلام على كفاف " " . والكفاف ما كف من الحاجة إلى الناس مع القناعة لا يزيد على قدر الحاجة ، والفضل ما زاد على قدر الحاجة . وروى الشيخان وغيرهما مرفوعا : " " مثل البخيل والمتصدق كمثل رجلين عليهما جنتان من حديد اضطرت أيديهما إلى تراقيهما فجعل المتصدق كلما تصدق بصدقة انبسطت عنه حتى تغشى أنامله وتعفو أثره ، وجعل البخيل كلما هم بصدقة قلصت وأخذت كل حلقة بمكانها " " ، قال أبو هريرة : فأنا رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول بإصبعه هكذا في جنته يوسعها . والجنة بضم الجيم والنون : كل ما وقى الإنسان ، وتضاف إلى ما يكون منفعة ، وقلصت : أي انجمعت وتشمرت وهو ضد استرخت وانبسطت . قال الحافظ المنذري : والمراد بالجنة هنا الدرع لأنه يجن المرء ويستره ، ومعنى الحديث : أن المنفق كلما أنفق طالت عليه وسبغت حتى تستر بنان رجليه ويديه ، والبخيل كلما أراد أن ينفق لزقت كل حلقة بمكانها فهو يوسعها ولا تتسع ، شبه صلى الله عليه وسلم نعمة الله ورزقه بالجنة .