معسر أن ننظره ونضع عنه امتثالا لأمر الشارع صلى الله عليه وسلم وطلبا لمرضاته ، فإنه لا يأمرنا قط إلا بما فيه النفع لنا في الدنيا والآخرة ، لكن بشرط الإخلاص لنهيه صلى الله عليه وسلم عن الرياء والسمعة ، فربما سامح أحدنا المعسر ببعض ما عليه بحضرة الناس ليقال ، ولو أنه لم يعلم به إلا الله تعالى لربما كان يثقل عليه ولا ينشرح له صدره ، فلينتبه من يفعل المعروف لمثل ذلك ويفتش نفسه التفتيش المبرئ للذمة ، فمن حاسب نفسه في هذه الدار خف حسابه في الدار الآخرة ، وإن وقع له حساب فإنما هو في أمور لم يحاسب نفسه عليها في دار الدنيا . واعلم أنه ليس مراد الحق تعالى بالحساب إلا إقامة الحق على العبد وبيان فضله وحلمه عليه لا غير ، وإلا فالعبد ليس معه شئ يدفعه لسيده ، فاعلم ذلك واعمل عليه والله يتولى هداك : * ( وهو يتولى الصالحين ) * . روى مسلم والطبراني مرفوعا : " " من سره أن ينجيه الله من كرب يوم القيامة فلينفس عن معسر أو يضع عنه " " . وفي رواية للطبراني : " " من سره أن ينجيه الله من كرب يوم القيامة وأن يظله تحت ظل عرشه فلينظر معسرا " " . وروى الشيخان وغيرهما مرفوعا : " " تلقت الملائكة روح رجل ممن كان قبلكم فقالوا أعملت من الخير شيئا ؟ قال : لا ، قالوا تذكر ، قال : كنت أداين الناس ، فأمر فتياني أن ينظروا المعسر ويتجاوزوا عن الموسر ، فقال الله تجاوزوا عنه " " ، ومعنى تجوزوا عن الموسر : أي خذوا ما تيسر معه بقرينة الحديث الآتي . والله أعلم . وفي رواية للشيخين : " " كان رجل يداين الناس ، وكان يقول لفتاه : إذا أتيت معسرا فتجاوز عنه لعل الله أن يتجاوز عنا فلقي الله فتجاوز عنه " " . وفي رواية للنسائي مرفوعا : " " أن رجلا لم يعمل خيرا قط ، وكان يداين الناس فيقول لرسوله خذ ما تيسر واترك ما عسر وتجاوز لعل الله يتجاوز عنا ، فلما هلك قال الله له : هل عملت خيرا قط ؟ قال لا ، إلا أنه كان لي غلام وكنت أداين