responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : العهود المحمدية نویسنده : عبد الوهاب الشعراني    جلد : 1  صفحه : 136


وهذا أمر ربما يخل به كثير من المشايخ فضلا عن غيرهم ، وكذلك كان دأب سيدي علي الخواص إلى أواخر عمره ، ثم قبل من الناس قبل موته وصار يضع الدراهم والدنانير عنده في قدرة ، فكل من مر عليه من العميان والعاجزين والمديونين يعطيه من ذلك ويقول ما في الكون مال إلا وله ناس يستحقون الأكل والملبس منه من أصحاب الضرورات .
وسمعته رضي الله عنه يقول : لو كشف للمحجوبين لرأوا جميع ما يأتيهم من الناس إنما هو هدية من الحق تعالى وهو الذي قدمه إليهم فكيف يصح لصاحب هذا المشهد أن يرد .
فقلت له : فأين ميزان الشريعة حينئذ ؟ فقال : موجود ، وهو أنه لو شهد أن الحق تعالى هو المعطي لا يقبله إلا إن رأى وجه رضاه به فإن المعاصي كلها بتقدير الله وإرادته ، ومع ذلك فيردها العبد وجوبا ويدافعها جهده حتى لا يقع في هلاكه ، فاعلم أنه ما وقع لأحد رد إلا وهو محجوب في حجاب ظاهر الشريعة المطهرة ، فإن لسان حالها يقول : إذا جاءكم مال من غير طيبة نفس الخلق فردوه ، ولو شهدتم أن الله تعالى هو المعطي فإنه هو الذي نهاكم عن قبوله فما رددتموه إلا بأمره ، ولسان الحقيقة يقول : ما ثم أحد يملك مع الله شيئا كشفا ويقينا فخذوا كل ما وصل إليكم عن الله لا عن خلقه ، ولسان الجامعين بين الحقيقة والشريعة يقولون : لا نقبل شيئا للشرع عليه اعتراض لأن كون الأمور ملكا لله تعالى محل وفاق بين جميع الملل ، وما جعل الله تعالى الرقي في الدرجات إلا بالورع عما حرم الله ، فإياكم أن تخرقوا سور الشرع ، فإن الذي قال لكم الوجود كله ملكي هو الذي نهاكم عن قبول الحرام والشبهات ، وكأنه تعالى يقول : ولو شهدتم أنه ملكي فلا تأخذوه إلا بطيبة نفس من عبدي فلان ، فإن أخذتموه بغير طيبة نفس منه عذبتكم ، فالعذاب إنما هو من أجل مخالفة ما حده الله لنا لا من جهة أن العبد يملك مع الله تعالى فإنه لا يصح أن يتوارد ملكان حقيقيان على عين واحدة أبدا .
فيجب على صاحب الحقيقة مراعاة الشريعة وعكسه ، ومن لم يكن كذلك فهو أعور لا يصح أن يقتدي به في طريق أهل الله تعالى .
وأجمع العارفون على أن من شرط الكامل أن لا يطفئ نور معرفته نور يعني أن نور معرفته يحجبه عن شهود الملك لغير الله ، ونور ورعه لا يكون إلا مع شهود نسبة الملك للخلق ، فالكامل من يتورع عن أكل ما بأيدي الناس إلا بطريقه الشرعي مع شهوده جزما أن ذلك ملك الله

نام کتاب : العهود المحمدية نویسنده : عبد الوهاب الشعراني    جلد : 1  صفحه : 136
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست