فاخضع يا أخي لله تعالى واسمع الوعظ من الخطيب ، فإنه على لسان الحق لا سيما إن خاطبك بنحو قوله : * ( يا أيها الناس اتقوا ربكم ) * و * ( يا أيها الذين آمنوا اصبروا وصابروا ورابطوا ) * . فإنك المخاطب بذلك قطعا من الحق على لسان ذلك الخطيب ، ولو كشف الله لغالب الخلق لرأوا في نفوسهم جميع الذنوب والقبائح إما فعلا وإما قولا وصلاحية ، ولكنهم قد صاروا في غمرة ودعوى ومقت حتى لا يكاد أحد منهم يتعظ بوعظ واعظ فلا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم . روى أبو داود وابن خزيمة في صحيحه مرفوعا : " " من اغتسل يوم الجمعة ومس من طيب امرأته إن كان لها ولبس من صالح ثيابه ، ثم لم يتخط رقاب الناس ، ولم يلغ عند الموعظة كان كفارة لما بينهما " " . وروى أيضا مرفوعا : " " يحضر الجمعة ثلاثة نفر : فرجل حضرها يلغو فذلك حظه منها . ورجل حضرها يدعو الله فذلك إلى الله ، فإن شاء قبله وإن شاء رده . ورجل حضرها بإنصات وسكوت ولم يتخط رقبة مسلم ولم يؤذ أحدا فهي كفارة إلى الجمعة التي تليها وزيادة ثلاثة أيام ، وذلك أن الله تعالى يقول : " " من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها " " . والله تعالى أعلم . ( أخذ علينا العهد من رسول الله صلى الله عليه وسلم ) أن نواظب على قراءة سورة الكهف ليلة الجمعة ويومها ، وكذلك نواظب على قراءة آل عمران ، ويس وحم الدخان اهتماما بأمر النبي صلى الله عليه وسلم لنا بذلك ، سواء أعقلنا سر تخصيص هذه السور بليلة الجمعة أم لم نعقل ذلك ، ولو أن العقول تحمل سر ذلك لأوضحناه للناس ، ولكن من الأدب كتم ما كتمه الشارع ، وإظهار ما أظهر من إضاءة النور والمغفرة ونحو ذلك ، والله حليم حكيم . روى النسائي والبيهقي مرفوعا والحاكم موقوفا وقال صحيح الإسناد : " " من قرأ سورة الكهف في الجمعة أضاء له من النور ما بين الجمعتين " " .