( أخذ علينا العهد العام من رسول الله صلى الله عليه وسلم ) أن نواظب على الطهارة عند النوم وننوي القيام للتهجد كل ليلة ولا ننام على حدث إلا لضرورة شرعية أو غلبة نوم ، وكذلك نواظب على قراءة الأذكار الواردة عند النوم وعند الاستيقاظ لكون الحق تعالى يحب ذلك لا لعلة أخرى إلا أن يصرح بها الشارع ، كالحفظ من الشياطين حتى يصبح نحو ذلك ، وقد جربوا فوجدوا الأذكار عند النوم من أعون الأمور على قيام الليل وخفته على القلب والجوارح ، وهذا العهد يتأكد العمل به على الأكابر من العلماء والصالحين الذين يحبون مجالسة الحق تعالى والوقوف في حضرته مع الأنبياء والملائكة وخواص عباده ، فإن الأذكار قوت أرواحهم ، والطهارة سلاحهم ، وفيه أيضا زيادة الوقوف في حضرة الله تعالى في عالم الغيب ، فإن الروح إذا فارقت الجسد بالنوم وهي على طهارة أذن لها في السجود بين يدي الله حتى يستيقظ ، وإذا فارقت الجسد محدثة وقفت بعيدة عن الحضرة ففاتها العبادة الروحية المجردة عن الجسد كالملائكة ، فافهم فهذا من سر النوم على طهارة . وأما سر النوم على وتر فإنه أمر يحبه الله ، فإذا نام أحدنا أو مات كان آخر عهده عملا يحبه الله تعالى فيحشر مع المحبوبين الذين لا يعذبهم الله على ذنب أبدا كما أشار إليه قوله تعالى : * ( وقالت اليهود والنصارى نحن أبناء الله وأحباؤه قل فلم يعذبكم بذنوبكم ) * . أي فلو كنتم محبوبين له ما عذبكم فافهم ، فهذا من سر حكمة نوم العبد على وتر سواء كان من عادته التهجد أم لا وبهذا أخذ الأكابر من أهل الله ، وقالوا أرواحنا بيد الله ليس في يدنا منها شئ ، فلا نعلم هل ترد أرواحنا إلينا بعد النوم أم لا ، وكان على ذلك أبو بكر الصديق رضي الله عنه ، فكان يوتر قبل أن ينام . وكان عمر بن الخطاب ينام على غير وتر ويقول : أوتر إذا استيقظت . وكان علي رضي الله ينام على وتر ، فإذا استيقظ تطهر وصلى ركعة فردة وأضافها إلى ما قبل النوم فيصير شفعا ثم يصلي ما كتب له ثم يوتر ، وهي حيلة في عدم الوتر في الليلة مرتين ، لقوله صلى الله عليه وسلم : " " لا وتران في ليلة " " . فلما أخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم بوتر أبي بكر وعمر قال :