يعني التشكيك فيه فيأتي المرائي لمن يفهم من القرآن أمرا يجزم به فيدخل عليه الشبهة حتى يشككه فيه ويخرجه عن الجزم به . واعلم أنه لا ينبغي لولد الصلب أو ولد القلب أن يستسعي [ أي أن يسعى لرفع الحد عليه ، لكونه اتهمه بالكفر . دار الحديث ] على والده المذكور إذا سبق لسانه بقوله يا كافر يا نصراني يا يهودي يا مشرك بالله يا مراق الدم ونحو ذلك ، فإن مراد والده بذلك تعظيم الأمر الذي خالفه فيه وتغليظه عليه وتقبيحه في عينه لا غير ، بدليل أنه إذا وقع في معصية وأرادوا أن يقتلوه أو يضربوه لا يهون عليه مع أن كل هذه الأمور تحتمل التأويل ، فإن الكفر هو الستر ولا بد أن يستر ذلك الشخص عن الناس أمرا ما ، والنصراني الذي ينصر غيره في أمر ، واليهودي المائل إلى دينه الراجع إليه ، والمشرك بالله المشرك به في وجود أو فعل أو ملك ، والمراق الدم الذي يفصد أو يحجم ونحو ذلك ، فاعلم ذلك . روى مالك والشيخان وغيرهما مرفوعا : " " إذا قال الرجل لأخيه يا كافر فقد باء بها أحدهما فإن كان كما قال وإلا رجعت عليه " " . وفي رواية لابن حبان في صحيحه مرفوعا : " " ما كفر رجل رجلا إلا باء بها أحدهما إن كان كافرا وإلا كفر بتكفيره " " . وروى البزار مرفوعا ورواته ثقات : " " إذا قال الرجل لأخيه يا كافر فهو كمثله " " . والله أعلم . ( أخذ علينا العهد العام من رسول الله صلى الله عليه وسلم ) أن لا نسب آدميا ولا بهيمة ولا غيرهما من المخلوقات ولا نلعنهما إلا بلعنة الله تعالى ، كلعنتنا إبليس إذا تراءى لنا مثلا وذكر اسمه كلعن من عمل عمل قوم لوط وغير حدود الأرض ، أو ذبح لغير الله ، أو كان اللعن لغير معين كقولنا لعن الله اليهود ونحو ذلك ، ويجب على كل مسلم أن يعود لسانه الكلام الصدق والحسن دون الكذب والقبيح . وقد بلغنا أن عيسى عليه الصلاة والسلام مر على خنزير ، فقال ما معناه أنعم صباحا فقيل له في ذلك ، فقال إنما فعلت ذلك لأعود لساني الكلام الحسن . ويحتاج العامل بهذا العهد إلى رياضة تامة على يد شيخ حتى يمحق من نفسه الرعونات ، ويخلقه بالأخلاق الحسنة وإلا فلا يشم من العمل بهذا العهد رائحة . * ( والله غفور رحيم ) * .