وروى الإمام أحمد وأبو يعلى والبزار مرفوعا : " " للضيف على من نزل به من الحق ثلاث فما زاد فهو صدقة ، وعلى الضيف أن يرتحل يرتحل لا يؤثم أهل المنزل " " . والله أعلم . ( أخذ علينا العهد العام من رسول الله صلى الله عليه وسلم ) أن لا نحتقر ما نقدمه للضيف ولا نحتقر ما قدم لنا إذا كنا ضيوفا ولو كسرة يابسة أو تمرة واحدة ، لا سيما في هذا الزمان الذي قل فيه الحلال ، حتى أنه لا يكاد يوجد شئ منه في يد شيخ من مشايخ الفقراء فضلا عن آحاد الناس ، ولم يكلفنا الله تعالى أن نضيف الناس بالحرام والشبهات ، وإنما أمرنا أن نضيفهم بالحلال . واعلم أن من علامة المتهور في أكل الشبهات أن يوجد عنده غالب الأيام الطعام واسعا يأكل منه الضيوف ويفضل عنهم ، ولو أنه كان تورع على طريقة القوم ما وجد شيئا يكفيه ويكفي عياله أبدا ، وقد أراد الفقراء المقيمون عندنا في الزاوية أن يعلموا القطع الخشب الكبار التي اشتريتها لسماط الفقراء ، فقالوا أي شئ نكتبه عليهم ؟ فقلت لهم اكتبوا : كبر القصع من قلة الورع . وقد بلغنا أن الحسن البصري زار عمر بن عبد العزيز أيام خلافته ، فأخرج له عمر نصف رغيف ونصف خيارة وقال له كل يا حسن ، فإن هذا زمان لا يحتمل الحلال فيه الإسراف . وقال ميمون بن مهران : زرت الحسن البصري فدققت الباب فخرجت لي جارية خماسية ، فقالت من تكون ؟ فقلت لها ميمون ، قالت كاتب عمر بن عبد العزيز ؟ فقلت لها نعم ، فقالت : وما حياتك يا شقي إلى هذا الزمان الخبيث ؟ ثم استأذنت الحسن فأذن لي فدخلت عليه فأخرج لي كسرة وشقة بطيخ وذكر لي زيارته لعمر بن عبد العزيز وتقديمه له الكسرة والخيارة . فإذا كان هذا حال الخلفاء أمراء المؤمنين في المائة الأولى ، فما ظنك يا أخي بالنصف الثاني من القرن العاشر صاحب العجائب والغرائب في عدم تورع أحد من أهله ذلك التورع . فأطعم يا أخي لله تعالى بشرط الحل فإنك مسؤول عن كل لقمة تطعمها لضيوفك من أين اكتسبتها والله يتولى هداك . روى الإمام أحمد وأبو يعلى عن جابر أنه دخل عليه نفر من أصحاب محمد صلى الله