أو شهرة تكره ونحو ذلك ونعرف طيب نفسه وعدم طيبها بنور الكشف أو باحتفاف القرائن ، فإن القرائن إحدى الأدلة الشرعية . فيحتاج من يريد العمل بذلك إلى سلوك على يد شيخ ناصح حتى يخرج به من أودية الطمع وشره النفس ، ويصير يقدم أمر آخرته على دنياه ويؤخر رضى نفسه إذا عارضه رضا الله . وما رأيت أحد قام بهذا العهد مثلما قام به سيدي علي الخواص رحمه الله ، كانوا يأتونه بالأموال والأطعمة وفيها العلل فيردها فإذا قالوا له والله خاطرنا بها طيب يقول لهم أنا خاطري بها ما هو طيب رضي الله عنه . فاعلم أننا نراعي حفظ أعمال إخواننا من الآفات كما نراعي أعمالنا ولا نساعدهم فيما ليس فيه أجر لهم ، فنأخذ أموالهم ونأكل طعامهم المعلول لأجل نفع نفوسنا ولا نلتفت لنقص رأس مالهم ، فمن فعل ذلك فقد أساء على نفسه وعلى إخوانه . * ( والله غني حميد ) * . روى ابن حبان في صحيحه مرفوعا : " " إن هذا المال خضرة حلوة ، فمن أعطيناه شيئا عن طيب نفس من غير تشره نفس بورك له فيه ، ومن أعطيناه شيئا بغير طيب نفس منا كان غير مبارك له فيه " " . وروى ابن حبان في صحيحه والإمام أحمد وغيرهما مرفوعا : " " إن أحدكم ليخرج من عندي بحاجته متأبطها ، وما هي إلا النار ، فقيل يا رسول الله فلم تعطيهم ؟ قال : يأبون إلا أن يسألوا ويأبى الله لي البخل " " . وقوله متأبطها : أي جاعلها تحت إبطه . والله أعلم . ( أخذ علينا العهد العام من رسول الله صلى الله عليه وسلم ) أن لا نسأل أحدا ونقسم عليه بوجه الله إجلالا لله عز وجل . إلا أن يكون ذلك لضرورة شرعية وكذلك لا نبخل بشئ قط سألنا فيه أحد بوجه الله ولو ثيابنا وجميع ما لنا أو بيعنا في السوق ، وأخذ ثمننا بحيلة يفعلها كما وقع للخضر عليه السلام ، وهذا العهد يظهر زغل خلق كثير ممن يدعون أنهم يجلون الله عز وجل ، فتراهم يدعون تعظيم الله تعالى وإجلالهم ويسألهم الفقير بوجه الله