وروى الإمام أحمد وابن حبان في صحيحه والبيهقي مرفوعا : " " قال الله عز وجل : أنا عند ظن عبدي بي ، فإن ظن بي خيرا فله ، وإن ظن شرا فله " " . وروى البيهقي عن رجل من ولد عبادة بن صامت لم يسمه عن أبي هريرة قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " " أمر الله عز وجل برجل إلى النار ، فلما وقف على شفتها ، التفت فقال : أما والله يا رب إن كان ظني بك لحسنا ، فقال الله عز وجل : أنا عند ظن عبدي بي " " . يعني فأدخله الله الجنة كما في رواية . والله تعالى أعلم . ( أخذ علينا العهد العام من رسول الله صلى الله عليه وسلم ) أن نميل إلى الضعف ونبادر عند نزول البلاء علينا إلى سؤال العفو والعافية ، ولا نتجلد إلا بما نعلم من أنفسنا بالقرائن من القدرة على الصبر عليه ، وهذا العهد يخل به كثير من الناس ممن يدعي الصلاح من غير سلوك على يد شيخ ، فيظهر القوة لتحمل ما فوق طاقته ، فربما تخلفت عنه العناية فيصير يقع في ألفاظ ربما يكفر بها . وقد كان سفيان الثوري رضي الله عنه يقول : نحن لا نخاف البلاء وإنما نخاف مما يبدو منا حال البلاء من السخط والضجر ثم يقول : والله ما أدري ماذا يقع مني لو ابتليت ؟ فلعلي أكفر ولا أشعر . وسمعت أخي أفضل الدين رحمه الله يقول : ليبحث العبد عن حكمة نزول المرض به هل هو رفع درجات أو عقوبات أو مكفرات ؟ فإنه لا يكاد يخرج عن هذه الثلاث ، ولكل منها علامة ، فعلامة كونه رفع درجات أن يقع مع انشراح وانفساح الصدر والرضا وعلامة العقوبة أن يقع مع الألم والسخط والاشمئزاز ، وعلامة المكفرات أن يقع مع الصبر وعدم السخط ، وأصل ذلك أن الله تعالى يجلس العبد في المقام المفضول حتى يتحقق به ثم بعد ذلك ينقله إلى المقام الأفضل ، فلذلك كان العبد يحبس في مقام الصبر مع عدم الانشراح للصدر ليحصل له الأجر الذي وعد الله به الصابرين ، ثم ينقله إلى مقام الرضا ليحصل له الأجر الذي وعد الله به الراضين ، فلا بد لكل كامل من حصول الأمرين ،