وروى مسلم عن ابن عمر : " " أن رجلا من الأعراب لقيه بطريق مكة فسلم عليه عبد الله بن عمر وحمله على حمار كان يركبه وأعطاه عمامة كانت على رأسه ، قال ابن دينار فقلت له أصلحك الله إنهم الأعراب وهم يرضون باليسير ، فقال عبد الله بن عمر : إن أبا هذا كان ودا لعمر بن الخطاب ، وإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " " إن أبر البر صلة الولد ود أبيه " " . وروى ابن حبان في صحيحه عن أبي بردة قال : " " قدمت المدينة فأتاني عبد الله بن عمر ، فقال : أتدري لم أتيتك ؟ قال : قلت لا ، قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " " من أحب أن يصل أباه في قبره فليصل إخوان أبيه بعده إنه كان بين أبي عمر وبين أبيك إخاء وود فأحببت أن أصل ذاك " " . والله تعالى أعلم . ( أخذ علينا العهد العام من رسول الله صلى الله عليه وسلم ) أن نصل رحمنا من نسب أو رضاع وإن قطعت كأبي الأم وأولاد البنات وبنات الإخوة للأم وبنات الأعمام والعمات والخالات والأخوال ، وتحصل الصلة بإطعام الرحم أو كسوته ، أو وزن الدين عنه وإخراجه من السجن أو إرسال هدية له إن كان بعيدا ، وذهابه له إن كان مكانه قريبا منه ، فإن لم يكن هدية فإرساله السلام له ومدار الأمر على أن يكون معتنيا برحمه وبالإحسان إليه عملا بوصية الله تعالى ورسوله حسب الاستطاعة ، ومن فرط في شئ مما ذكرناه مع القدرة فقد قطع رحمه وقاطع الرحم لا يصعد له عمل ولا يغفر الله له حين يغفر لجميع خلقه في ليلة القدر ، وفي ليلة النصف من شعبان . وهذا العهد قل من يعمل به الآن من غالب طلبة العلم والمشايخ فضلا عن غيرهم ، فبمجرد ما تتسع عليهم الدنيا ينسون قرابتهم الفقراء ويستنكفون أن يعترفوا بأنهم من قرابتهم ، مع أنهم يعطون الثياب والمال ويطبخون الأطعمة في الفرح وغيرها لمن ليس بينه وبينهم قرابة ولا نفع لا في علم يستفيده ولا يفيده ، وذلك دليل ظاهر على أن جميع إطعامهم وإحسانهم للناس إنما هو ليقال فلان وهب ، وذلك أن الأجنبي يشكر أحدهم في المجالس والقريب يأكل وينكر أو يسكت عن الشكر ، ولو أن الله تعالى فتح عيون قلوب هؤلاء لقدموا ما أمرهم الله بصلته قبل من لم يأمر الله بصلته ، كما لو فتح عيونهم لأكثروا العطاء لمن لا يشكرهم وفرحوا به أكثر ممن يشكرهم ، لأن من شكر المعطى فقد