( أخذ علينا العهد العام من رسول الله صلى الله عليه وسلم ) أن نحب من الثياب القميص اقتداء برسول الله صلى الله عليه وسلم ، والسر في ذلك كونه ساترا لأكثر البدن بخلاف الإزار والرداء ، اللهم إلا أن يكون الوقت حارا شديد الحر فلنا التخفيف بلبس الإزار . وسمعت سيدي محمد بن عنان يقول : أبدان الفقراء كأبدان المخدرات من النساء ، ليس لأحدهم أن يغتسل إلا مستور البدن بقميص مهلهل ، فقلت له ، إن أعلى ما أمر به الشارع عند الغسل الإزار الساتر للعورة فقط ، فقال صحيح ، ولكن هكذا أدركنا أشياخنا وما هم على خلاف في ذلك ، وربما كان لهم دليل في ذلك لم يطلع عليه غيرهم ، وبتقدير عدم الدليل في ذلك ، فالأدب مع الله ستر البدن كله قياسا على الصلاة ، فإن الشارع لم يكتف فيها بساتر العورة فقط ، بل أمر المصلي بستر ظهره وبطنه وأكتافه كما هو معلوم . وقد قال الإمام أحمد بوجوب ستر المنكبين في الصلاة برداء ونحوه . وسمعت أخي أفضل الدين رحمه الله يقول : يجب الحضور مع الله تعالى في كل عمل مشروع ، ولا شك أن الغسل عمل مشروع . ومن أدب الحضور أن يكون العبد مستور البدن كله إلا ما استثنى شرعا ، وأهل الله تعالى في جميع أوقاتهم في صلاة كما أشار إليه في قوله تعالى * ( على صلاتهم دائمون ) * . واغتسل أخي أبو العباس الحريثي مرة بإزار فقط فزجره سيدي محمد بن عنان وقال : بدن الفقير كله عورة والله أحق أن يستحيي منه ، فقد بان لك وجه حب سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم للقميص وتقديمه على الإزار والسراويل في الفضل ، ومن بالغ في الأدب فلا لوم عليه ولو لم يرد في ذلك شئ بخصوصه ، فإن المعلومات تشهد له . وقد قلت مرة لشيخنا شيخ الإسلام زكريا الأنصاري رحمه لله : السنة في العذبة أن تكون أربع أصابع فقط كما ورد فما دليل الصوفية في تطويلها أكثر من ذراع حتى أنهم يغرزونها في أعلى العمامة فقال لي : لولا رأوا في ذلك شيئا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ما فعلوه . وقد بلغنا أن بغداد لما خربها التتار رموا كتب المجتهدين والمحدثين في الدجلة ، حتى صارت الخيل تمشي عليها إلى ذلك البر كالجسر ، فكم ذهب في تلك الكتب من أحاديث وعلوم .