يترك شهوة بعد شهوة حتى لا يكون بينه وبين ربه إلا حجاب العظمة ويصير مشاهدا لربه بلا كلفة كما لا يتكلف لدخول النفس وخروجه ، وما دام يغفل ويسهو فهو لم يتحقق بالمقام ومن هنا حفظ من حفظ من الأولياء ووقع من وقع منهم . وبالجملة فما دام مع العبد بقية غفلة فمن لازمه الحجاب ووقوعه فيما لا يليق وهو ما لم يأمره الحق به ولم يحثه عليه ، إذ العبد لا يجالس الحق تعالى إلا في فعل المأمورات أو اجتناب المنهيات ، وما عدا ذلك فلا يقدر على مجالسته فيه أبدا إنما هو يجالس الكون . وسمعت سيدي عليا الخواص رحمه الله يقول : من شرط الكامل أن لا يعمل بقول من الأقوال إلا مع الحضور مع صاحب القول من الحق تعالى أو رسوله صلى الله عليه وسلم أو أحد من الأئمة أو مقلديهم ، فإذا كان يوم القيامة امتدت مجالسته المذكورة وانبسطت في الزمان وتنعم مع أصحابها بقدر مقامه في الحضور معهم ، ومن لم يحضر حال العمل مع صاحب ذلك الكلام الذي عمل به لم يتنعم يوم القيامة بشهود أصحابه ولا كأنه جالسهم قط . وسمعت أخي أفضل الدين رحمه الله يقول : كل مقام لا يذوقه العبد هنا لا يعطاه هناك . فاسلك يا أخي على يد شيخ ناصح إن أردت أن تكون من أهل الله تعالى ، وإلا فأنت غافل عن الله تعالى في أكثر عباداتك كلها والله يتولى هداك . روى البيهقي مرفوعا : " " من اعتكف عشرا في رمضان كان كحجتين وعمرتين " " . وروى الطبراني والحاكم وقال صحيح الإسناد والبيهقي مرفوعا : " " من مشى في حاجة أخيه وبلغ فيها كان خيرا له من اعتكاف عشر سنين ، ومن اعتكف يوما ابتغاء وجه الله جعل الله بينه وبين النار ثلاث خنادق أبعد مما بين الخافقين " " . وأحاديث اعتكاف النبي صلى الله عليه وسلم في المسجد كثيرة مشهورة ، والله تعالى اعلم . ( أخذ علينا العهد العام من رسول الله صلى الله عليه وسلم ) أن نخرج زكاة فطرنا كل سنة قبل صلاة العيد ، ولا نترخص في تركها إلا بطريق شرعي ، وهذا قد صار