نام کتاب : الرحلة في طلب الحديث نویسنده : الخطيب البغدادي جلد : 1 صفحه : 218
وهذا النص من كتابه الطريف النافع " صيد الخاطر " قال فيه ما يلي : " تأملت أحوال الناس في حالة علو شأنهم فرأيت أكثر الخلق تبين خسارتهم حينئذ ، فمنهم من بالغ في المعاصي من الشباب ، ومنهم من فرط في اكتساب العلم ، ومنهم من أكثر من الاستمتاع باللذات . فكلهم نادم في حالة الكبر حين فوات الاستدراك لذنوب سلفت ، أو قوى ضعفت ، أو فضيلة فاتت ، فيمضي زمان الكبر في حسرات . فإن كانت للشيخ إفاقة من ذنوب قد سلفت قال : وا أسفاه على ما جنيت ، وإن لم يكن له إفاقة صار متأسفا على فوات ما كان يلتذ به . فأما من أنفق عصر الشباب في العلم فإنه في زمن الشيخوخة يحمد جني ما غرس ويلتذ بتصنيف ما جمع ، ولا يرى ما يفقد من لذات البدن شيئا بالإضافة إلى ما يناله من لذات العلم . هذا مع وجود لذاته في الطلب الذي كان تأمل به إدراك المطلوب وربما كانت تلك الأعمال أطيب مما نيل منها ، كما قال الشاعر : أهتز عند تمني وصلها طربا * ورب أمنية أحلى من الظفر ولقد تأملت نفسي بالإضافة إلى عشيرتي الذين أنفقوا أعمارهم في اكتساب الدنيا ، وأنفقت زمن الصبوة والشباب في طلب العلم ، فرأيتني لم يفتني مما نالوه إلا ما لو حصل لي ندمت عليه . ثم تأملت حالي فإذا عيشي في الدنيا أجود من عيشهم ، وجاهي بين الناس أعلى من جاههم . وما نلته من معرفة العلم لا يقاوم .
نام کتاب : الرحلة في طلب الحديث نویسنده : الخطيب البغدادي جلد : 1 صفحه : 218