من كلام له : نبغوا فعابوا الناظرين المميزين وبدعوهم ، والى الرأي والكلام فنسبوهم ، وجعلوا العلم الواجب طلبه ، الدوران والجولان في البلدان ، لالتماس خبر لا يفيد طائلا ، وأثر لا يورث نفعا . فأسهروا ليلهم ، وأظمأوا نهارهم ، وأتعبوا مطيهم ، واغتربوا عن بلادهم ، وضيعوا ما وجب عليهم من حق خلفائهم ، وعقوا الآباء والأمهات ، فتعجلوا المأثم بتضييع الواجب والحقوق ، وحرموا أنفسهم التلذذ بمعاشرة الأهل والولد ، وطابت أنفسهم لها ، فحرموا لذة الدنيا ، واستوجبوا العقاب في الآخرة ، فهم حيارى كالأنعام ، ان سئلوا عن مسألة ( ظ ص 27 ) قالوا : هل حدثت هذه المسألة حتى تقول فيها ؟ فان قيل لهم : هي نازلة . قالوا : ما نحفظ فيها شيئا ، فان سئلوا عن السنن ، يقول خطيبهم : ما تحفظون فيمن بنى لله مسجدا ، ومن كذب علي متعمدا ، وفي ( س و 24 : آ ) أسلم سالمها الله ، وفي قوله أما بعد .
108 - وقال المعارض لصاحب هذا الكلام : تهيبوا كد الطلب ، ومعالجة السفر وبعلوا بحفظ الآثار ، ومعرفة الرجال ، واختلفت عليهم طرائق الأسانيد ، ووجوه الجرح والتعديل ، فآثروا الدعة ، واستلذوا الراحة ، وعادوا ما جهلوا ، وعلى المطامع تألفوا ، وفي المآثم والحطام تنافسوا ، وتباهوا في الطيالس والقلانس ، ولازموا أفنية الملوك وأبواب السلاطين ، ونصبوا المصايد لأموال الأيتام ، والإغارة على الوقوف والأوساخ واقتصروا على ابتياع صحف درسوها ، واستعدوا الشغب عليها ، فان