( أي سجد له أبواه وإخوته الباقون وكانوا أحد عشر رجلا ، وقد كان هذا سائغا في شرائعهم ، إذا سلموا على الكبير يسجدون له ، لم يزل هذا جائزا من لدن آدم إلى شريعة عيسى عليه الصلاة والسلام ، فحرم هذا في هذه الملة ) ا ه المقصود منه .
ويوضح ذلك أيضا أمره عز وجل الملائكة بالسجود لآدم ، فكان سجودهم له عليه الصلاة والسلام عبادة للآمر عز وجل ، وإكراما لآدم عليه الصلاة والسلام .
ومن هنا نعلم أن تعظيم الكعبة بالطواف حولها وتعظيم الحجر الأسود باستلامه وتقبيله والسجود عليه ليس عبادة شرعا للبيت ولا للحجر ، وإنما هو عبادة للآمر بذلك سبحانه وتعالى ، الذي اعتقد الطائف بالبيت ربوبيته سبحانه ، فليس كل تعظيم لشئ عبادة له شرعا ، حتى يكون شركا ، بل منه ما يكون واجبا أو مندوبا إذا كان مأمورا به أو مرغبا فيه ، ومنه ما يكون مكروها أو محرما ، ومنه ما يكون مباحا ، ولا يكون التعظيم لشئ شركا حتى يقترن معه اعتقاد ربوبية ذلك الشئ ، أو خصيصة من خصائصها ، فكل من عظم شيئا فلا يعتبر في الشرع عابدا له إلا إذا اعتقد فيه ذلك الاعتقاد ، وقد استقر في عقول بني آدم ما داموا على سلامة الفطرة أن من ثبتت له الربوبية فهو للعبادة مستحق ، ومن انتفت عنه الربوبية فهو غير مستحق للعبادة ، فثبوت الربوبية واستحقاق العبادة متلازمان فيما شرع الله في شرائعه وفيما وضع في عقول الناس ، وعلى أساس اعتقاد الشركة في الربوبية بنى المشركون استحقاق العبادة لمن اعتقدوهم أربابا من دون الله تعالى ، ومتى انهدم هذا الأساس من نفوسهم تبعه ما بني عليه من استحقاق غير الله للعبادة ، ولا