النداء عبادة ، ولو كان هذا النداء لأموات ، ففي الصحيحين : ( أن النبي ص قال لأهل البئر واسمها القليب ، التي ألقي فيها جماعة من الكفار في بدر :
( هل وجدتم ما وعدكم الله ورسوله حقا فإني قد وجدت ما وعدني الله حقا ) ، خاطب النبي كفار قليب بدر ، قال عمر : يا رسول الله كيف تكلم أجسادا لا أرواح فيها ، قال : ما أنتم بأسمع لما أقول منهم غير أنهم لا يستطيعون أن يردوا على شيئا ) رواه البخاري ( 7 / 301 فتح ) ومسلم ( 4 / 2203 ) .
وليس التوسل عبادة للمتوسل به إلى الله ، فقد علم رسول الله ص الأعمى أن يقول : ( اللهم إني أتوجه إليك بنبيك محمد نبي الرحمة ، يا محمد إني أتوجه بك إلى ربي في حاجتي لتقضى . . ) الحديث وهو صحيح مشهور بين أهل العلم ، رواه الترمذي ( 5 / 569 ) والبيهقي في ( دلائل النبوة ) ( 6 / 166 - 168 ) والحاكم ( 1 / 313 ) وصححه على شرطهما وأقره الذهبي وغيرهم بأسانيد صحيحة .
كما أن الاستغاثة أيضا بمخلوق ليست عبادة له كما ثبت في الصحيحين ( أن الشمس تدنو يوم القيامة حتى يبلغ العرق نصف الأذن فبينا هم كذلك استغاثوا بآدم ثم بموسى ثم بمحمد ص فيشفع ليقضى بين الخلق ) انظر فتح الباري ( 3 / 338 ) ، فما زعمه الجهلة أن كل نداء للميت عبادة له فهو من التخبط في الجهل القبيح .
وملخص ما مر أن العبادة في اللغة هي مطلق الطاعة والخضوع لأي أحد كان بخلاف العبادة في اصطلاح الشرع فهي غاية التذلل والخضوع لمن يعتقد الخاضع له بعض صفات الربوبية ، فإذا فهمت ذلك علمت يقينا أن من أطاع أحدا وخضع له لا لاعتقاده أن له بعض صفات الربوبية لا يسمى