فصل [ في القدر الواجب من الخوف ] والقدر الواجب من الخوف ، ما حمل على أداء الفرائض واجتناب المحارم ، فإن زاد على ذلك بحيث صار باعثا للنفوس على التشمير في نوافل الطاعات والانكفاف عن دقائق المكروهات ، والتبسط في فضول المباحات ، كان ذلك فضلا محمودا ، فإن تزايد على ذلك بأن أورث مرضا أو موتا أو هما لازما بحيث يقطع عن السعي في اكتساب الفضائل المطلوبة المحبوبة لله عز وجل ، لم يكن محمودا ، ولهذا كان السلف يخافون على عطاء السلمي من شدة خوفه الذي أنساه القرآن ، وصار صاحب فراش ، وهذا لأن خوف العقاب ليس مقصودا لذاته ، إنما هو سوط يساق به المتواني عن الطاعة إليها ، ومن هنا كانت النار من جملة نعم الله على عباده الذين خافوه واتقوه ، ولهذا المعنى عدها الله سبحانه من جملة آلائه على الثقلين في سورة الرحمن .
وقال سفيان بن عيينة : خلق الله النار رحمة يخوف بها عباده لينتهوا . أخرجه أبو نعيم . والمقصود الأصلي هو طاعة الله عز وجل وفعل مراضيه ومحبوباته وترك مناهيه ومكروهاته .
ولا ننكر أن خشية الله وهيبته وعظمته في الصدور وإجلاله مقصود أيضا ، ولكن القدر النافع من ذلك ما كان عونا على التقرب إلى الله بفعل ما يحبه وترك ما يكرهه ، ومتى صار الخوف مانعا من ذلك وقاطعا عنه فقد انعكس المقصود منه . ولكن إذا حصل ذلك عن غلبة ، كان صاحبه معذورا ، وقد كان في