وفي " صحيح البخاري " ، عن أبي هريرة رضي الله عنه ، عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، قال : " حجبت الجنة بالمكاره ، وحجبت النار بالشهوات " . وخرجه مسلم ، ولفظة : " حفت الجنة بالمكاره ، وحفت النار بالشهوات " . وخرجه أيضا ، من حديث أنس ، عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم .
وخرجه الإمام أحمد وأبو داود والترمذي ، من حديث أبي هريرة ، عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، قال : " لما خلق الله الجنة والنار ، أرسل جبريل إلى الجنة ، فقال : انظر إليها وإلى ما أعددت لأهلها فيها ، قال : فجاءها ، فنظر إليها وإلى ما أعد لأهلها ، قال : ارجع إليه ، فقال : وعزتك ، لا يسمع بها أحد إلا دخلها ، فأمر بها فحفت بالمكاره ، فقال : ارجع إليها ، فانظر إلى ما أعددت لأهلها ، قال : فرجع إليها ، فإذا هي قد حفت بالمكاره فرجع إليه ، فقال : وعزتك ، لقد خفت ألا يدخلها أحد ، قال : فاذهب إلى النار فانظر إلى ما أعددت لأهلها ، فإذا هي يركب بعضها بعضا ، فرجع إليه فقال : وعزتك ، لا يسمع بها أحد فيدخلها ، فأمر بها فخفت بالشهوات ، فقال : ارجع إليها ، فرجع إليها فقال : وعزتك ، لقد خشيت ألا ينجو منها أحد إلا دخلها " .
فتبين بهذا ، أن صحة الجسد وقوته وكثرة المال والتنعم بشهوات الدنيا والتكبر والتعاظم على الخلق ، وهي صفات أهل النار التي ذكرت في حديث حارثة بن وهب ، هي جماع الطغيان والبغي ، كما قال تعالى : ( كلا إن الإنسان ليطغى ، أن رآه استغنى ) [ العلق : 6 - 7 ] .
والطغيان وإيثار الحياة الدنيا وشهواتها من موجبات النار ، كما قال تعالى : ( فأما من طغى ، وآثر الحياة الدنيا فإن الجحيم هي المأوى ) [ النازعات : 37 - 39 ] .
وأما الضعف في البدن ، والاستضعاف في الدنيا من قلة المال والسلطان ، مع