مقدمة المؤلف بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله ذي العز المجيد ، والبطش الشديد ، المبدىء المعيد ، الفعال لما يريد ، المنتقم ممن عصاه بالنار بعد الإنذار بها والوعيد ، المكرم لمن خافه واتقاه بدار لهم فيها من كل خير مزيد ، فسبحان من قسم خلقه قسمين وجعلهم فريقين :
( فمنهم شقى وسعيد ) [ هود : 105 ] .
( من عمل صلحا فلنفسه ومن أساء فعليها وما ربك بظلم للعبيد ) [ فصلت : 46 ] .
أحمده وهو أهل للحمد والثناء والتمجيد ، وأشكره ، ونعمه بالشكر تدوم وتزيد ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ولا كفو ولا عدل ولا ضد ولا نديد ، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله الداعي إلى التوحيد ، الساعي بالنصح للقريب والبعيد ، المحذر للعصاة من نار تلظى بدوام الوقيد ، المبشر للمؤمنين بدار لا ينفد نعيمها ولا يبيد ، صلى الله عليه وآله وأصحابه صلاة لا تزال على كر الجديدين في تجديد ، وسلم تسليما .
أما بعد ، فإن الله خلق الخلق ليعرفوه ويعبدوه ويخشوه ويخافوه ، ونصب لهم الأدلة الدالة على عظمته وكبريائه ليهابوه ويخافوه خوف الإجلال ، ووصف لهم شدة عذابة ودار عقابه التي أعدها لمن عصاه ليتقوه بصالح الأعمال ، ولهذا كرر سبحاته وتعالى في كتابه ذكر النار ، وما أعده فيها لأعدائه من العذاب والنكال ،