وبهذه الطريقة تبعهم التابعون وتابعوهم في طلب الحديث وحفظه وتتبع أعالي الأسانيد .
وكتب الرجال تحدثنا عن رحلات متعددة وكثير منها كان في سنوات طويلة ومسافات بعيدة ، وقلما نجد عالما مشهورا أو حافظا إلا ورحل فالامام أحمد بن حنبل رحل مع صديقه يحيى بن حنبل من العراق إلى اليمن للسماع من عبد الرزاق بن همام صاحب المصنف ( 1 ) . أما أبو حاتم الرازي فيحدثنا عن رحلته فيقول :
أو سنة خرجت في طلب الحديث أقمت سبع سنوات ، أحصيت ما مشيت على قدمي زيادة على ألف فرسخ ، ولم أزل أحصي حتى لما زاد على ألف فرسخ تركته .
وأما ابن المقرى محمد بن إبراهيم فقال عن رحلته :
طفت الشرق والغرب أربع مرات ، ودخلت بيت المقدس عشر مرات ، وحججت أربعا ، أقمت خمسة وعشرين شهرا ( 2 ) .
ومنهم أبو الفضل محمد بن طاهر المقدسي الذي حدث عن رحلته فقال :
بلد الدم في طلب الحديث مرتين : مرة ببغداد ومرة بمكة ، كنت أمشي حافيا في الحر فلحقني ذلك ، وما ركبت دابة قط في طلب الحديث ، وكنت أحمل كتبي على ظهري ( 3 ) .
على أن هذه الآلام والمتاعب والصعاب والشدائد كانت عذبة ومحببة لما يرجون من تحصيل الأجر والثواب ورضا الله عز وجل وعلو المنزلة في سبيل