قال عبد الرازق : أخبرنا ابن جريج أخبرنا عطاء أن الصحابة كانوا يقرءون والنبي " حي " السلام عليك أيها النبي فلما مات قالوا : السلام على النبي وهذا إسناد صحيح .
ولهذا الاختلاف [1] قال القاضي : هذا يدل على أنه إذا أسقط لفظة هي ساقطة في بعض التشهدات المروية صح التشهد ، فعلى هذا يجوز أن يقال : أقل ما يجزئ في التشهد " التحيات لله السلام عليك أيها النبي ورحمة الله ، السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين ، أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا عبده ورسوله - أو أن محمدا رسول الله " .
هذه تشهدات تعسة [2] وردت عن الصحابة وقد اختلفت ألفاظها ، ولو أنها كانت من الأحاديث القولية التي رويت بالمعنى لقلنا عسى ! ولكنها من الأعمال المتواترة التي كان يؤديها كل صحابي مرات كثيرة كل يوم وهم يعدون بعشرات الألوف ، ومما يلفت النظر أن كل صاحب تشهد يقول ، إن الرسول كان يعلمه التشهد كما يعلمهم القرآن ، وأن تشهد عمر قد ألقاه من فوق منبر رسول الله والصحابة جميعا يسمعون فلم ينكر عليه أحد منهم ما قال ، كما ذكر مالك في الموطأ .
ومما يلفت النظر كذلك ، أن هذه التشهدات على تباين ألفاظها وتعدد صيغها وكثرة رواتها ، قد خلت كلها من الصلاة على النبي فكأن الصحابة كانوا كما قال إبراهيم النخعي يكتفون بالتشهد والسلام عليك أيها النبي ورحمة الله .
ولقد اختلفت الأئمة في وجوب الصلاة على النبي في الصلاة المفروضة فأبو حنيفة وأصحابه لا يوجبونها فيها وأما الشافعي فقد جعلها شرطا !
وفي البحر الزاخر لابن نجيم : وأما موجب الأمر في قوله تعالى : " صلوا عليه " فهو افتراضها في العمر مرة واحدة في الصلاة أو خارجها ، لأن الأمر لا يقتضي التكرار وهذا بلا خلاف .