في كتب التاريخ حتى إن المتكلمين سموا جمهور المحدثين بالشبهة والمحدثين سموهم بالمعطلة [1] .
الفقهاء :
وأما الفقهاء فقد عرف من حالهم أنهم يؤولون كل حديث يخالف ما ذهب إليه علماء مذهبهم - ولو كان من المتأخرين - أو يعارضون الحديث بحديث آخر - ولو كان غير معروف عند أئمة الحديث - والحديث الذي عارضوه ثابتا في الصحيحين بل مما أخرجته الستة . ومن نظر في شروح الصحيحين اتضح له الأمر وقد ترك بعضهم المجاملة للمحدثين ، فصرح بأن ترجيح الصحيحين على غيرهما - ترجيح من غير مرجح ، والذين جاملوا اكتفوا بدلالة الحال . وقد أشار إلى ذلك العز بن عبد السلام في " كتاب القواعد " فقال :
ومن العجب العجيب أن الفقهاء المقلدين يقف أحدهم على ضعف مأخذ إمامه بحيث لا يجد لضعفه مدفعا ، وهو مع ذلك يقلده فيه ، ويترك من شهد الكتاب والسنة والأقيسة الصحيحة لمذهبه جمودا على تقليد إمامه ، بل يتحيل لدفع ظواهر الكتاب والسنة ويتأولها التأويلات البعيدة الباطلة نضالا عن مقلده ، وقد رأيناهم يجتمعون في المجالس ، فإذا ذكر لأحدهم خلاف ما وطن نفسه عليه ، تعجب منه غاية العجب من غير استرواح إلى دليل ، بل لما ألفه من تقليد إمامه ، ولو تدبره لكان تعجبه من مذهب إمامه أولى من تعجبه من مذهب غيره ! فالبحث مع هؤلاء ضائع مفض إلى التقاطع والتدابر من غير فائدة يجديها - وما رأيت أحدا رجع عن مذهب