- بما يرضيك بعضه دون بعض [1] .
وقال الدكتور أحمد أمين - بعد أن ذكر عدد الأحاديث التي انتقدت على البخاري كما بيناها - ما يلي [2] :
إن بعض الرجال الذي روى لهم [3] غير ثقات ، وقد ضعف الحفاظ من رجال البخاري نحو الثمانين ، وفي الواقع هذه مشكلة المشاكل ، فالوقوف على أسرار الرجال محال ، نعم إن من زل زلة واضحة سهل الحكم عليه ، ولكن ماذا يصنع بمستور الحال ؟ ثم إن أحكام الناس على الرجال تختلف كل الاختلاف ، فبعض يوثق رجلا وآخر يكذبه ، والبواعث النفسية على ذلك لا حصر لها ، ثم كان المحدثون أنفسهم يختلفون في قواعد التجريح والتعديل ، فبعضهم يرفض حديث المبتدع مطلقا كالخارجي والمعتزلي ، وبعضهم يقبل روايته في الأحاديث التي لا تتصل ببدعته ، وبعضهم يقول ، إن كان داعيا لها لا تقبل روايته وإن كان غير داع قبلت ! وبعض المحدثين يتشدد فلا يروي حديث من اتصلوا بالولاة ودخلوا في أمر الدنيا مهما كان صدقهم وضبطهم ، وبعضهم لا يرى في ذلك بأسا ، متى كان عدلا صادقا ، وبعضهم يتزمت فيأخذ على المحدث مزحة مزحها ، كالذي روى أن بعض مجان البصرة كانوا يضعون صرر نقود في الطريق ويختفون ، فإذا انحنى المار لأخذها صاحوا به فتركها خجلا وضحكوا منه ، فأفتى بعض المحدثين أن يملأ صرة من زجاج مكسر فإذا صاحوا به وضع صرة الزجاج وأخذ صرة الدراهم عقابا لهم وتأديبا ، فجرحه بعض المحدثين من أجل ذلك ، وعدله بعضهم إذ لم ير به بأسا ، إلى غير ذلك من أسباب يطول شرحها ، ومن أجل هذا اختلفوا اختلافا كثيرا في الحكم على الأشخاص ، وتبع ذلك اختلافهم في صحة روايته والأخذ عنه ، ولعل من أوضح المثل في ذلك - عكرمة مولى ابن عباس وقد ملأ الدنيا حديثا وتفسيرا ، فقد رماه بعضهم بالكذب وبأنه يرى رأي الخوارج وبأنه كان يقبل جوائز الأمراء ، ورووا عن كذبه شيئا كثيرا ، فرووا أن سعيد بن المسيب قال لمولاه " برد " :