تكذيب الصحابة لكعب كان الصحابة - كما علمت - يثقون بكعب أول الأمر ، ولكن ما لبث بعضهم أن فطن له بعد ما تبين من كذبه وانكشف من أمره ، فنزعوا عنه ثوب الثقة وشكوا في أخباره ، بل كذبوه وإن كان بعضهم أمثال أبي هريرة والعبادلة وغيرهم قد ظلوا على تصديقه ، والأخذ عنه حتى لقى ربه .
وقد نهى عمر كعبا عن الحديث وأوعده بالنفي إلى بلاده ، وقال له : لتتركن الحديث أو لألحقنك بأرض القردة [1] - وكان علي يقول : إنه لكذاب .
وروى البخاري عن الزهري أن حميد بن عبد الرحمن سمع معاوية يحدث رهطا من قريش وذكر كعبا فقال : إنه من أصدق [2] هؤلاء المحدثين عن أهل الكتاب وإن كنا مع ذلك لنبلو عليه الكذب .
وأخرج ابن أبي خيثمة بسند حسن عن قتادة قال : بلغ حذيفة أن كعبا يقول : إن السماء تدور على قطب كالرحى ، فقال : كذب كعب ، إن الله يقول : " إن الله يمسك السماوات والأرض أن تزولا " [3] ، وقال ابن عباس لرجل مقبل من الشام : من لقيت ؟ قال : كعبا ، قال : وما سمعته يقول ؟ قال : سمعته يقول إن السماوات تدور على منكب ملك . فقال : كذب كعب . أما ترك يهوديته بعد !
ثم قرأ : " إن الله يمسك السماوات والأرض " . . . الآية [4] .
والأخبار في ذلك كثيرة فنجتزئ بما قدمناه .