سميت " سدرة المنتهى " لانتهاء العلم بها ، هذا ما قاله لتلميذه الثاني . أما تلميذه الأول فهو أبو هريرة ، ففي حديث له أنها شجرة يخرج من أصلها أنهار من ماء غير آسن ، وأنهار من لبن ، وأنهار من خمر ، وأنهار من عسل - وهي شجرة يسير الراكب في ظلها سبعين عاما لا يقطعها ، والورقة منها تغطي الأمة كلها - يا حفيظ !
وفي حديث المعراج أنه لما فرض الله خمسين صلاة على العباد في النهار وفي الليل لم يستطع أحد من الرسل جميعا غير موسى - أن يفقه استحالة أدائها على البشر !
فهو وحده الذي فطن لذلك وحمل محمدا صلى الله عليه وسلم على أن يراجع ربه عشر مرات في حديث ، وخمس مرات في حديث ثان ، وبضع مرات في حديث ثالث - وفيها كلها أنه صلوات الله عليه كلما نزل بعدد منها من عند الله ، أعاده موسى إلى ربه لينقصها حتى رجعت إلى خمس صلوات . وكأن الله سبحانه وتعالى لما فرض الصلاة على المسلمين ، كان لا يعلم مبلغ قوة احتمال عباده على أدائها - تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا - وكذلك لا يعلم محمد الذي اصطفاه للرسالة العامة إلى الناس كافة - والله أعلم حيث يجعل رسالته - لا يعلم إن كان من أرسل إليهم يستطيعون احتمال هذه العبادة أو لا يستطيعون . حتى بصره موسى ! وهكذا ترى الإسرائيليات تنفذ إلى ديننا وتسري في معتقداتنا فتعمل عملها ولا تجد أحدا إلا قليلا يزيفها أو يردها ، بل نرى - وا أسفاه - من يصدقها ويعتقدها من حشوية آخر الزمان ، الذين يتجرون بالدين ولا يهمهم أن ينسب الجهل الخاتم المرسلين ، صلوات الله عليه ، ولا يزالون يذكرون اسم كعب الأحبار مقرونا بالسيادة [1] ، ونكتفي بهذه الأمثلة فإنها مجزئة [2] .