وقد أظهر في هذا الكلام من الجهل ما يضحك منه صغار الطلبة ، لأنه فضح به نفسه ، وأظهر للناس صدق قولنا فيه : إنه محدث الأوراق والصحف ، ولا يغوص لاستخراج علل أسانيد الأحاديث الخفية ، ولا يغوص لاستخراج علل أسانيد الأحاديث الخفية ، ولا يتتبع الطرق ويعتبر بها ، كما هو مقرر عند أهل هذا العلم ، وإنما غايته كغيره ممن يتعاطى الاشتغال بالحديث أن يرجع إلى رجل من رجال السند ، فيكتفي بما قيل فيه في الطعن في الحديث ، وإن كان ذلك الراوي المسكين لا ناقة له ولا جمل في علة الحديث ، وهذا صنيع المبتدئين البسطاء في هذا الفن .
ولبيان تهوره هذا أقول : إن الحارث برئ من هذا الحديث براءة الذئب من دم يوسف . ولا علاقة له به مطلقا .
والألباني أوقعه في هذا الخطأ القبيح والغلط الشنيع ، تقليده لأبي الطيب العظيم آبادي ، فهو الذي اقتصر على إلصاق التهمة في هذا الحديث بالحارث في كتابه :
" التعليق المغني على الدارقطني " 3 / 80 وذلك قصور منه .
واعتماد الألباني عليه - لعدم وصوله إلى درجة الاجتهاد في الكلام ، على الرجال أوقعه كما قلنا فيما كشف به عن جهله .
وذلك أن الحديث رواه الدارقطني في آخر كتاب البيوع من " سننه " 3 / 80 والخطيب في " الفقيه والمتفقه ) 1 / 32 من طريق الهيثم بن موسى المروزي ، عن عبد العزيز بن الحصين بن الترجمان ، عن إسرائيل ، عن أبي إسحاق ، عن الحارث ، عن علي - عليه السلام - به مرفوعا .
فالقاعدة المقررة ، عند أهل العلم بالحديث ، والأمر الذي عليه العمل عندهم ، وهو الذي يقتضيه النظر أيضا :
إن الحديث يجب أن يعلل أولا بالهيثم بن موسى المروزي المجهول ، فإني لم أقف له على ترجمة فيما لدي من كتب الرجال ، وإنما الذي وجدته عنه هو ذكر الخطيب له في " تاريخ بغداد " في ترجمة إسحاق بن البهلول ، الذين أخذ عنهم الفقه ، فقال :
وذكر أهله أنه كان فقيها ، حمل الفقه عن الحسن بن زياد اللؤلؤي ، وعن الهيثم بن موسى صاحب أبي يوسف القاضي . فهذا ما وجدته عنه . فالرجل في عداد المجهولين فيما يظهر .