الحديث النبوي فلا ، وكان من أوعية العلم . . . الخ كلامه المذكور ، في " الميزان " 1 / 202 .
فرواية أهل الحديث لحديثه في الأبواب دليل على أنه لم يوهنوه ، كما ذكرت ذلك في " الباحث " .
وأما قوله : والظاهر أنه كان يكذب في لهجته ، فباطل أيضا ، بل من أبطل ا لباطل .
لأن المقرر عند أهل الحديث أن الراوي إذا كان يكذب في لهجته وكلامه ولا يكذب في حديثه ، فروايته أيضا غير مقبولة .
لأن العدالة لا تتجزأ ولا تتبعض ، فلا يكون الراوي ثقة عدلا في جهة ، وكذابا فاسقا في جهة أخرى . وهذا مما تشترك فيه الرواية مع الشهادة .
بخلاف الضبط ، فقد يكون الراوي ضابطا في شيخ ، ضعيفا في آخر ، كما هو معلوم لصغار الطلبة . أما العدالة فلا تتبعض ولا تتجزأ مطلقا ، لا سيما وقد قالوا في تعريف الثقة : هو الذي يجتنب الكبائر ولا يتظاهر بخوارم المروءة . وهل هناك كبيرة أعظم وأقبح من الكذب ، والإخبار بغير الواقع ! ؟ وإن كان يعفي رجال الحديث قبل رواية الرجل الذي يكذب في لهجته وكلامه ، ولا يكذب في حديثه .
وذلك مذكور في المصطلح ، ويظهر أن الذهبي - رحمه الله تعالى - مشى على هذا القول في توجيه طعن الشعبي بالكذب في الحارث .
وهو مردود عقلا ونقلا ، ولا يتمشى مع القواعد المقررة ، فكن منه على بال .
والمقصود بعد هذا ، أن الحارث ثقة عدل رضي ، وثقة الأئمة من رجال السلف والخلف . بل لو قلت : الاتفاق قد حصل ووقع على توثيقه ، إلا ما شذ من الأقوال المخالفة للجمهور لكنت صادقا في ذلك ، ومن خالف الجمهور في ذلك فخلافه مردود بما تقتضيه القواعد المقررة التي لا يمكن نقضها وردها ، كما بينت ذلك ، في " الباحث " .
ولأجل ذلك احتج به أصحاب السنن ، وذكروا حديثه في الأبواب ، فإنه لا معنى لذلك إلا كونه حجة صالحا للعمل .