صالح ، قول الشعبي : حدثنا الحارث وكان كذابا ، قال أحمد بن صالح : لم يكن بكذاب ، وإنما كان كذبه في رأيه . ا ه كلام ابن شاهين ، في الجزء المذكور .
فمن الذي يعترض بعد هذا على من يقول بتوثيق الحارث ؟ !
ومما لا شك فيه أن الحارث كان عنده من حديث علي - عليه السلام - ما لا يوجد عند غيره ، كما يدل على ذلك ما رواه ابن سعد 6 / 168 عن علباء بن أحمر :
أن علي بن أبي طالب - عليه السلام - خطب الناس فقال : من يشتري علما بدرهم . فاشترى الحارث الأعور صحفا بدرهم . ثم جاء بها عليا ، فكتب له علما كثيرا ، ثم إن عليا خطب الناس بعد فقال : يا أهل الكوفة ، غلبكم نصف رجل .
وهذه أيضا شهادة من علي - عليه السلام - بفضل الحارث ، وأنه من أهل العلم الذين يؤخذ عنهم ، وأنه غلب أهل الكوفة في العلم ، ولو كان متهما في ذلك لبين علي أمره وحذرهم منه .
ولم يوثق أحد على لسان علي بن أبي طالب - عليه السلام - فوق المنبر على رؤوس الناس كما وثق الحارث ، وهذا هو السبب في كون أهل الكوفة كانوا يقدمون الحارث الأعور في صلاتهم ، لأنه كان أعلمهم بالسنة . ومن كان كذلك فهو أولى بالإمامة ، وكانوا يقدمونه في صلاتهم على الجنائز لأنه أفضلهم ، وأهل الفضل أولى بالصلاة على الجنازة .
فقد روى ابن سعد في الطبقات 6 / 168 قال : أخبرنا الفضل ابن دكين ، حدثنا زهير بن معاوية ، عن أبي إسحاق : أنه كان يصلي خلف الحارث الأعور ، وكان إمام قومه ، وكان يصلي على جنائزهم ، فكان يسلم - إذا صلى على الجنازة - عن يمينه مرة واحدة .
وهذا أيضا هو السبب في كون أهل الكوفة كانوا يقدمون الحارث الأعور على أئمة العلم من أهل الكوفة ، كعبيدة السلماني ، وعلقمة ، ومسروق ، وشريح .
قال ابن سيرين : أدركت الكوفة وهم يقدمون خمسة : من بدأ بالحارث ثنى بعبيدة ، ومن بدأ بعبيدة ثنى بالحارث ، ثم علقمة الثالث لا شك فيه ، ثم مسروق ، ثم شريح .