responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : متشابه القرآن ومختلفه نویسنده : ابن شهر آشوب    جلد : 1  صفحه : 194


نفسه وإن كان لا يفعل القليل منه لأنه خرج جوابا للمجبرة وردا عليهم لأنهم ينسبون كل ظلم في العالم إليه تعالى فبين أنه لو كان كما قالوا لكان ظلاما وإنه ليس بظالم وسئل متكلم لم ورد على وزن فعال الذي صيغ للكثير وهو متنزه عن الظلم اليسير فقال لأنه لو فعل أقل الظلم لكان عظيما منه لأنه غير محتاج إليه مع علمه بقبحه وبأنه غني عنه والقبيح لا يتأتى إلا من جاهل أو محتاج فلو فعله من غير حاجة إليه فهو أعظم من كل ظلم فعله فاعل لحاجة إليه .
فصل قوله تعالى : « ما أَصابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللَّهِ وَما أَصابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ فَمِنْ نَفْسِكَ » ( 81 / 4 ) قال ابن عباس والحسن الحسنة ما أصاب النبي عليه السلام يوم بدر من الظفر والغنيمة والسيئة ما أصابه يوم أحد من كسر رباعيته وقال أبو العالية وأبو القاسم إن الحسنة والسيئة الطاعة والمعصية ويكون المعنى أن الحسنة التي هي الطاعة من أمر الله وترغيبه فيها ولطفه لها والسيئة بخذلانه على وجه العقوبة على المعاصي المتقدمة وسماه سيئة كما قال ( وَجَزاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُها ) والتقدير ما أصابك من ثواب حسنة فمن الله لأنه الذي عرضك للثواب وأعانك عليه وأصابك من عقاب سيئة فمن نفسك لأنه تعالى نهاك عنها وزجرك عن فعلها فلما ارتكبتها كنت الجاني على نفسك ويجوز أن يكون المراد بالسيئة ما يصيبهم في دار الدنيا من المصائب لأنه لا يجوز أن يكون ذلك عقابا أو بعض ما يستحقونه وقوله ( فَمِنْ نَفْسِكَ ) قال الحسن وقتادة والسدي وابن جريح والضحاك أي فبذنبك أضاف المعصية إلى العبد في هذه الآية ونفاها عن نفسه ولو كانت من خلقه لكانت منه على أو كذا لوجوه قوله سبحانه :
« وَإِنْ تُصِبْهُمْ حَسَنَةٌ يَقُولُوا هذِهِ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ يَقُولُوا هذِهِ مِنْ عِنْدِكَ قُلْ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ » [1] ( 80 / 4 ) قال الحسن وأبو القاسم وأبو علي هذه حكاية عن



[1] لا تنافى بين هذه الآية مع ما بعدها ( ما أصابك من حسنة - الخ ) الذي تقدم في المتن : فان كل أمر لا بد وأن يكون من عنده وبإذنه فهو الله الباري الخالق السلطان المحيط ، وأما السبب والباعث للصدور فهو قد يكون نفس إرادة الله تعالى ومشيته وقد يكون بواعث وأسباب آخر . ولما كان الله تعالى لا يريد سوءا ولا يحب شرا ( وما الله يريد ظلما للعالمين ) فلا يجوز صدور سيئة منه تعالى بحيث يكون هو السبب والمريد لها ( تعالى الله عما يقول الظالمون ) . نعم توجد السيئة من عنده بسبب سوء اعمال العباد واستحقاقهم للخذلان والعذاب ، فمنشأ السيئة وعلتها الأولية هي نفس من تصيبه السيئة ، فإن الله لا يظلم مثقال ذرة . وأما الحسنات المصيبة فلا ريب إن صدورها من الله ، ولا يصلح أن يكون اعمال العباد هو السبب التام كما قال تعالى يا بن آدم بمشيتي كنت أنت الذي تشاء وتقول وبقوتي أديت إلى فرصتي - الخ ( من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها ) . وقد أشار إلى هذه اللطيفة الكريمة باختلاف التعبير في الآيتين فأضاف كلمة ( عند ) في هذه الآية فقال : كل من عند الله ، وأما في الآية السابقة في المتن فقال : ( فمن الله ، فمن نفسك ) إشارة إلى السبب التام والعلة الأولى ومنشأ الصدور . ثم إن المراد من المصيبة في الآيتين هي ما أصابته من الخارج فلا يشمل اعمال العباد من الطاعات والمعاصي التي هي صادرة من العبد ( بحول الله وبقوته ) ويدل على هذا المعنى التعبير بكلمة ( أصابت ) كما لا يخفى على ذوي النهي . ح - م

نام کتاب : متشابه القرآن ومختلفه نویسنده : ابن شهر آشوب    جلد : 1  صفحه : 194
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست