وهذا لا يعنى اطلاقا أن القطب ليس له جديد في كتابه هذا ، بل له المحاولات الموفقة في مسائل جليلة يستعرضها بانطلاق في الاستنباط مستعينا بالقدرة العلمية العظيمة التي يملك نواصيها ويذلل مصاعبها ، فيدخل في خضمها دخول العالم المتمكن الذي أوتي نصيبا وافرا من المبادئ العلمية . ويمتاز الكتاب بأنه يحاول في جمع الآراء وخاصة التفسيرية منها إذا ظهر عليها الاختلاف ، فيوفق بينها ما وجد إلى ذلك سبيلا . ولذلك ترى بعض مسائل مطروحة في كتب الفقه أو التفسير بشكل يبدو عليها أنها معترك العلماء وتتضارب فيها آراؤهم ، ولكنك عندما تعود إليها في هذا الكتاب تجد نقطة تنتهى إليها أقوال أولئك ولا يبقى شئ من الخلاف بينهم . كما أنه يمتاز أيضا بما حواه من المسائل الخلافية بين المذاهب الشيعية والسنية ، والتي وجدت العناية الكافية في تبسيطها وعرضها والنقاش فيها والاستدلال عليها ، فربما كتب المؤلف فصولا عديدة في مسألة واحدة يتحدث عنها في فصل ويعود عليها في فصل آخر ليتكلم فيها من زاوية أخرى غير التي تكلم فيها . والكتاب - بعدا هذ كله - أثر علمي عظيم من آثار أعلامنا الأقدمين ، بذل فيه مؤلفه القطب الراوندي جهدا كبيرا موفقا ، نقدر أنه سيبقى بعد طبعه بالشكل الذي تراه ماثلا أمامك مرجعا هاما في موضوعه يرجع إليه المؤلفون في التفسير والفقه . * * * وبعد ، فمن ألطافه سبحانه وتعالى أن من علي بأن وفقني لاخراج هذا الكتاب الجليل إلى عالم النور ، باذلا في خدمته ما أوتيت من الامكانات المحدودة وطابعا له بالشكل المتيسر عندنا من وسائل الطبع والاخراج . ويعود الفضل في طبع هذا السفر النفيس إلى عناية سيدنا المعظم سماحة