ولعل هذ الآية الكريمة تلقي الضوء بشكل واضح على دور الانذار في القرآن وعمل النبيين ، وأن الانذار مهمة يقوم بها النبي إلى جانب الكتاب الذي يحكم بالحق ويحل الاختلافات ويهدي إلى المنهج والصراط المستقيم . وإذا عرفنا أن المعادلة الأصلية للدين تتوقف على قضية ( الانذار ) بالعقاب و ( البشارة ) بالثواب في الدار الآخرة ، عرفنا السبب في تأكيد القرآن الانذار هدفا لنزوله ومهمة للأنبياء ، ذلك أن صورة الحياة ومقاييسها التي يعتمدها الدين في القسط والميزان ترتبط بشكل رئيس بقضية الحياة الآخرة والبشارة بالثواب والانذار بالعذاب فيها . وإقامة الحجة على الناس تجاه القضايا التي يطرحها الدين والنبي تدخل كعنصر أساسي في هذه المعادلة ، ولذا أكد القرآن هذا المفهوم . كما أن تأكيد مهمة النبي هي ( الانذار ) أو ( البلوغ ) أو ( إقامة الحجة ) ، وحده يمكن ان يكون لمعالجة نفسية للنبي الذي قد يتصور أن تحقيق التغيير - الخارجي - من مسؤوليته ، بحيث عندما لا يتحقق هذا التغيير في الخارج يكون النبي أمام موقف حرج عند الله ، بالرغم من بذله لكل ما في طاقته من الجهد لتحقيقه ، ولذا جاء تأكيد القرآن : أن مهمة النبي والرسول تنتهي عند تحقيق الانذار والبلاغ الأفضل : ( لعلك باخع نفسك ألا يكونوا مؤمنين * إن نشأ ننزل عليهم من السماء آية فظلت أعناقهم لها خاضعين ) [1] . وحينئذ يحدد القرآن المسؤولية ب ( الانذار ) ، وهناك فرق بين المسؤولية وبين المهمة والهدف الذي يتولاه النبي ، فالنبي عليه ان يبذل كل طاقته ، وهو مسؤول عن الانذار وإقامة الحجة .