هداي فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون ) [1] . ويمكن أن نشير في نهاية هذا العرض لهذين التصورين إلى عدة ملاحظات : الملاحظة الأولى : انه يمكن تكميل الصورة : بأن الاسكان في الجنة في الوقت الذي يمثل مرحلة الاعداد والتهيؤ يعبر في نفس الوقت عن هدف إلهي وهو : أن مقتضى الرحمة الإلهية بالانسان هو أن يعيش حياة الاستقرار والسعادة بعيدا عن الشقاء ، وأن مسيرة الشقاء انما هي اختيار الانسان ، ولذا بدأ الله تعالى حياة الانسان بالجنة وشمله برحمته الواسعة من خلال التوبة والسداد الإلهي بالهدى الذي أنزله على الأنبياء . كما أن الخطيئة هي التي فجرت في الانسان - إضافة إلى احساسه بالمسؤولية - ادراكه للحسن والقبح والخير والشر ، ولعل هذا هو الذي أشار إليه القرآن الكريم بقوله تعالى : ( . . . فبدت لهما سوأتهما وطفقا يخصفان عليهما من ورق الجنة . . . ) . وكان هذا الادراك ضروريا للانسان من أجل أن يكون قادرا على مواجهة مشكلات الحياة وألوان الصراع فيها وتمييز الحق من الباطل ، والخير من الشر ، والمصلحة من المضرة ، ويخلق فيه حالة التوازن الروحي والنفسي في مقابل ضغوط الشهوات والغرائز . وقد كان من الممكن أن يحصل هذا الادراك من خلال الحضانة الطويلة والتجربة الذاتية في حياته في الجنة ، ولعل هذا هو الهدف من وضعه في الجنة ليمر بهذه الحضانة الطويلة ، كما يحصل للانسان في تجاربه في الطفولة ، حيث تنمو فيه هذه المعرفة تدريجا ، ولكن كان هناك طريق أقصر محفوف بالمخاطر وبالخطيئة والذنب .